توجد لدينا ثلاثة أجهزة رقابية، تقوم بعمل رقابي واحد، ولكن تختلف أسماء المهام؛ فديوان المراقبة العامة يسمي التجاوزات في الصرف المالي تجاوزات مالية وإدارية، وهيئة مكافحة الفساد تسميها فسادًا، وهيئة الرقابة والتحقيق تسميها مخالفات إدارية. أي أن لدينا ازدواجية واضحة في العمل الرقابي، ومنها - على سبيل المثال لا الحصر - متابعة المشاريع المتعثرة، وغرق الشوارع عند هطول الأمطار، ووجود تصدعات في المباني الحكومية الجديدة، وتدني الخدمات البلدية، وتدني الخدمات الصحية.. كل ذلك إحدى نتائج ازدواجية الرقابة.
- يُعتمد لهذه الأجهزة ثلاث ميزانيات بمليارات الريالات، والأمر لا يحتاج إلا لميزانية جهاز واحد، يحقق الأهداف نفسها التي أُنشئت من أجلها هذه الأجهزة، إلا أنه في الواقع أن هذه الأجهزة بدلاً من أن تحافظ على خزانة الدولة أصبحت عبئًا على الخزانة. أنا لا أكتب بناء على استنتاج، ولكن من خبرة عملية في العمل الرقابي، تجاوزت ثلاثين عامًا، شاركت خلالها في لجان عدة في معهد الإدارة وغيرها، وهي لجان تزخر بقانونيين وماليين متخصصين، وكان لبعض بيوت الخبرة نصيبٌ في محاولة وجود حل لهذه المعضلة.
- هناك تكرار في عمل هذه الأجهزة ومخاطبتها الجهات المشمولة بالرقابة بمخالفات مالية وإدارية لا أقول متشابهة، بل المخالفة نفسها، مع اختلاف في الأسلوب اللغوي فقط.. وهذا أربك هذه الجهات، وعطّل عملها؛ إذ تقضي وقتًا طويلاً في الرد على خطابات مكررة، ترد لهذه الجهات في فترات متقاربة من هذه الأجهزة.
- يتشتت جهد التخصصات في هذه الأجهزة الفنية بين مالية واقتصادية وقانونية وهندسية في أكثر من جهاز مع قيامها بعمل مكرر.
السؤال هنا:
هل يمكن وجود حل لازدواجية هذه الأجهزة دون الدمج؟ الجواب - من وجهة نظري -: «لا...».
ولمن يسأل لماذا؟ أقول: لأن نقل أي صلاحية من جهاز آخر يعني أنه قد أصبح لدينا جهازان هامشيان، وإن شئت قُلْتَ إدارتان عامتان للجهاز المنقول له تلك الصلاحيات.
إنَّ دمج الأجهزة الرقابية الثلاث: (ديوان المراقبة العامة - هيئة الرقابة والتحقيق - هيئة مكافحة الفساد) لن يُنقص شيئًا من الأهداف التي أُنشئت من أجلها هذه الأجهزة، ولن يؤثر في سمعتها أمام المنظمات الدولية التي تُعنى بمكافحة الفساد، مثل منظمة الشفافية الدولية؛ لأن هذه المنظمات لا يهمها الاسم، بقدر اهتمامها هل هو جهاز فعَّال مستقل وليس صوريًّا؟ وأثناء وجودي في مجلس الشورى طالبتُ بدمج هذه، وأقول من جديد: دمج هذه الأجهزة هو الحل، وبقية الحلول (ترقيع)؟
- عضو سابق في مجلس الشورى