خالد بن حمد المالك
الصين دولة مهمة، اقتصادياً وسياسياً، وزاد الاهتمام بها مع انفتاحها على العالم، وتخليها في اقتصادها عن النموذج الشيوعي، وقيامها بإدخال إصلاحات اقتصادية، تعتمد على نظام السوق، لتكون بذلك الأسرع في اقتصاديات العالم من حيث النمو، وأكبر دولة مصدرة في العالم، واقتصادها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما أنها ثاني أكبر مستورد للبضائع، وهي عضو في عدد من المنظمات، بما فيها مجموعة العشرين.
* *
والصين الشعبية هي الأكثر سكاناً في العالم، حيث يبلغ عدد سكانها 1.338 مليار نسمة، ومع أنه يحكمها الحزب الشيوعي الواحد، إلا أنها لم تعد تلتزم بكل التطبيقات الشيوعية في أنظمتها، فقد أذنت وفاة الرئيس (ماو تسي تونغ) إلى التحرر والأخذ بسياسات اقتصادية غير منغلقة، وهذا ما فتح الباب أمامها لتكون قوة ضاربة اقتصادياً.
* *
لقد اعتمدت الإصلاحات الاقتصادية في الصين مع تولي القيادة الجديدة على نظام السوق والانتقال من اقتصاد قائم على تصنيع واحد إلى اقتصاد يقوم على الابتكار، فكانت الخطوة الصينية لتحقيق ذلك تخصيص أكبر ميزانية للبحوث والتنمية في العالم، معتمدة في تحقيق ذلك على حوالي مليون باحث، ولا تسبقها في ذلك سوى الولايات المتحدة الأمريكية.
* *
الكثافة السكانية الهائلة في الصين ساعدت بفضل الأيدي العاملة الرخيصة في خفض تكلفة الصناعات، ودخولها منافساً قوياً لصناعات الدول الأخرى، مع أن النمو في عدد السكان يثير قلق الحكومة، ما جعلها تلجأ إلى سياسة الطفل الواحد لكل أسرة، على أمل أن يحد ذلك من النمو المتسارع في عدد السكان.
* *
على أن الإصلاحات وتجديد السياسات لم يقتصر على الجانب الاقتصادي، والعسكري، والصناعات، والتعليم، والبحوث والدراسات، وتطبيق نظام صارم للحد من تسارع نمو وعدد السكان، وإنما شمل إنصاف المسلمين أيضاً وحقهم في العبادة وأداء الصلوات في المساجد التي يبلغ عددها أكثر من ثلاثين ألف مسجد، تؤدي في بعضها صلاة الجمع، بعد سنوات من الحرمان في ظل الحكم الشيوعي السابق، بل زاد النظام الحالي على ذلك، وسمح بإجازات للمسلمين في عيدي الفطر والأضحى المباركين.
* *
وإذ يزور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الصين للمرة الثالثة، فهو يزور دولة عملاقة، صناعياً واقتصادياً وسياسياً، فقد زارها وهو أمير لمنطقة الرياض 1999م، وزارها وهو ولي للعهد عام 2014، وها هو يزورها وهو ملك عام 2017م، ما يعني أن الملك سلمان يدرك أهمية الصين في كل مراحل المسؤوليات والأعمال التي تبوأها.
* *
وللتذكير فإن العلاقات الدبلوماسية السعودية - الصينية بدأت عام 1990م، وقد كان من نتائجها تكرار زيارات الملك سلمان لها، وتأكيده في الزيارة الثانية بأن الهدف منها الحرص على توثيق أواصر التعاون، وتحقيق الحوار والتواصل، وتنمية علاقات البلدين الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والصناعية والثقافية والاستثمار والطاقة والتعاون الأمني، لأن من شأن ذلك ترسيخ هذه العلاقات الإستراتيجية بين بلدينا على المبادئ الخيرية التي تسهم على نحو كبير في معالجة المشاكل والاضطرابات الإقليمية والدولية.
* *
في عام 2016 زار الرئيس الصيني شين جين بينغ المملكة واجتمع بالملك سلمان، وأكد على تعزيز الشراكة بين البلدين، ومواصلة تطور علاقات الصداقة المشتركة مع المملكة، ونوه بالإجراءات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين لتحفيز التنمية بالمملكة منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد. وتم خلال الزيارة التوقيع على 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين.
يتبع......