القاهرة - «الجزيرة»:
قدم بحث جديد محاولة لتفسير الصعوبة البالغة في مقاومة الإنسان لتناول الطعام في وقت متأخر من الليل.. كما طرح البحث الذي قدمه سيث جيه جيليهان، الاستاذ المساعد لعلم النفس السريري في قسم الطب النفسي بجامعة بنسلفانيا، طرقًا لتجنب الإفراط في الأكل ليلاً.
يقول سيث جيه جيليهان: «بالنسبة لكثير من الناس، قد يخلق تناول الطعام في وقت متأخر من الليل مشكلات صحية عديدة، كما أنه يكون من الصعب فقدان الوزن الزائد عندما نأكل قبل الذهاب للنوم مباشرة، خصوصًا عندما تكون الأطعمة التي تجتذبنا هي الأنواع السهلة الالتهام، مثل الكعك، ورقائق البطاطس، والآيس كريم، وغيرها من الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية. إضافة إلى أن تناول الطعام في وقت متأخر من الليل يسهم أيضًا في الإصابة بالأمراض ذات الصلة بزيادة الحموضة مثل ارتجاع المريء.
ويصف جيليهان بحثه بأنه محاولة تفسير منه للأشخاص الذين حاولوا دون جدوى التقليل من الأكل في وقت متأخر من الليل، لماذا تشكل الرغبة في تناول وجبة قبل النوم صراعًا صعبًا، وكيف يمكن السيطرة على تلك الرغبة.
يقول جيليهان: «فلنتخيل أنها الساعة الثامنة مساء وشخص ما على استعداد للاسترخاء، بعد أن عمل بجد طوال اليوم، بما في ذلك محاولته لاتخاذ خيارات غذائية صحية في عالم لا يجعل تلك القرارات سهلة.. فهو لم يتناول الخبز في وجبته في العمل، لعلمه أنه سيندم على تناوله لاحقًا، ورفض تناول الحلوى، وقاوم تناول حصة ثانية في وجبة العشاء.. وبحلول نهاية اليوم، تبدأ قوة الإرادة لديه في النفاد عندما يجلس على الأريكة ويقوم بتشغيل التلفزيون، ويجد أن أول صور يراها هي صورة الآيس كريم، ورقائق البطاطس، والكعك، حتى ولو كان قد تناول العشاء في السادسة والنصف، ستستحوذ عليه الرغبة في تناول شيء من الحلويات. ويصبح غير قادر بعد على المقاومة، فيقوم بسحب علبة الكعك أو وعاء الآيس كريم».
ويوضح البحث «كما يوحي هذا المثال، فإن القدرة على ضبط النفس تستنفد بحلول نهاية اليوم، ويصبح من الأسهل أن يستسلم الإنسان للإغراء عندما يكون متعبًا. إضافة إلى أن رغبة الإنسان بالاستمرار في تناول وجبات خفيفة في وقت متأخر من المساء تنبع من رغبته في دفع المشاعر غير المريحة بعيدًا. ربما يشعر الإنسان بالتوتر، أو بالوحدة، أو بمجرد الملل، وفي المساء بعد أن أصبح ضجيج اليوم وراءنا. يمكن أن يقدم الطعام إلهاء مرغوب فيه عن الإحساس بتلك المشاعر.. ويقوم الجسم بتنشيط نظام المكافأة في المخ من خلال إطلاق مركب الدوبامين والمواد الأفيونية الطبيعية في جسم الإِنسان. فإذا اعتاد الإنسان على تناول عدة وجبات خفيفة ليلاً، يبدأ المخ في المطالبة بالمكافأة التي اعتاد عليه.
ويؤكد جيليهان أنه «على الرغم من أهمية هذه العوامل، إلا أن أكبر قوة دافعة لتناول الأكل ليلاً قد يكون الساعة الداخلية للإنسان حيث لدى كل إنسان ساعة داخلية إيقاعية ليس فقط لدورة النوم والاستيقاظ، بل أيضًا للجوع. ويعد وقت الذروة اليومي للجوع عند الإنسان في الساعة الثامنة مساء. فحتى إذا تناول الإنسان العادي العشاء نحو الساعة السادسة والنصف مساء، فربما يشعر برغبة أكبر في تناول الطعام في الساعة الثامنة مساءً، مما كان لديه طوال اليوم».. ويضيف «كما يكون إيقاع الجوع صباحًا في أدنى مستوى في الصباح، مما يجعل من السهل بالنسبة للكثير من الناس تناول وجبة إفطار صغيرة أو عدم الإفطار على الإطلاق».
ويقترح البحث عديدًا من الأدوات التي يمكن أن تكون مفيدة لمقاومة تناول الأكل ما بعد وجبة العشاء، وأولها الحد من توافر الوجبات الخفيفة المغرية وغير الصحية في المنزل. حيث يمكن للإنسان أن يعزز بشكل كبير احتمالات تجنبه الأطعمة المسببة للمشكلات من خلال إبقائها خارج المنزل. إضافة استبدال الأطعمة المسببة للمشكلات ببدائل أفضل وأكثر صحية.. والقيام بتغيير الإنسان ببعض الروتين، فربما تكون هناك إشارات معينة تربط بين الجلوس لمتابعة فيلم والإحساس بأنه حان «وقت تناول الطعام»، لذلك إذا قام الإنسان بتغيير روتينه بعض الشيء، فيمكنه كسر بعض السلوكيات التي تؤدي تلقائيًا إلى الأكل في وقت متأخر من الليل.