لا تفيد العظات كلها فمهما استمعت إليها وأدركتها وعملت بما فيها فإن ما يفيدك حقيقة هو التجربة التي تخوض غمارها، ولاشيء يضاهي تأثيرها فيك مع تحديات الآن إلا هي وحسب.
قرأت ذات ليلة حالكة بأنك إن لم ترم الحزن بحجر فستحتاج الى آلاف الأحجار فيما بعد لترميه، وهذا القول واقع عن تجربة. فكل صغير سيكبر إلا الفرح فهو يأتي كبيراً ويصغر شيئا فشيئا.
والأسباب كثيرة والمسببات أكثر إلا أن المبررات التي تحاول ابتداعها مع نفسك لتبرر لها حيرتها المتسائلة باستمرار؛ تفوق ذلك كله، هل نبرر أحوالنا لنحتوي فشلنا في مقدار مقاومة أزماتنا أم ماذا؟.
يفر المارة عند كل مساء تاركين أقدامهم خشية أن تأخذهم الأرصفة برفقتها ويفوتهم قطار أول الخطى الجديدة دون أن يحسوا بحزن تلك الأرصفة التي تفقد كثيراً من الخطى يوما بعد يوم. ألا يعلم المارة انهم سيصيرون مسؤولين أمام شوارعهم اليومية عن تلك الخطى الضائعة في دروبها فيضاعفوا المشي فيها حتى تألف أقدامهم الجديدة تلك الأرصفة و تحتمل حزنها الأخير على تلك الخطى التي غادرتها الى خلودها الأثير.
عام مهزوم بأفراحه الجديدة دون أن يشبع من حزنه او يسترده بما يكفي لإذابة قسط من شموعه الدامعة على ما ارتحل دون عودة.
لماذا تتكاثر البلاد من حولي وتكثر أوقاتها ويضيق منفاي بهيكل جثتي برغم ضخامته وضآلتي!؟
وكلما استعنت بمروءتي كانت احتمالات خسائري أكبر من حسن ظني. هل ينبغي لي أن أمشي بذاتين ذات تستقبل وأخرى تودع؟. ولماذا لابد من الوداع وهو أزمة إنسانية كبرى حيرت أعظم الفلاسفة في هذا العالم وستظل تحير كل ذات تخطو نحو حكاياتها المبتورة في طعم الخطى المر دون أية إجابة تحل اللغز، الموت هو الحل الوحيد المحير للأبد.
- هدى الدغفق