«الجزيرة» - القسم السياسي:
تحظى زيارة خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان التي تبدأ غداً بأهمية كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية اليابانية, حيث ذكر السفير الياباني لدى الممكلة نوريهيرو أوكودا أن زيارة خادم الحرمين الشريفين ستحظى بأهمية كبيرة على المستوى السياسي والشعبي وستكون هذه هي الزيارة الرسمية الأولى لخادم الحرمين في ثلاث سنوات، حيث كانت آخر زيارته -ولي العهد آنذاك- إلى اليابان في عام 2014.
في سياق الزيارة الكريمة للملك سلمان إلى اليابان، ستسعى كل من اليابان والمملكة العربية السعودية لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، فالقضايا التي سنتناولها لن تقتصر على الاقتصاد فقط، بل أيضاً، تشمل موضوعات ثقافية وترفيهية من أجل تحقيق الأهداف التي وُضعت في رؤية 2030، فضلاً عن التعاون الأمني، وبالإضافة إلى ذلك، ستكون القضايا الإقليمية في منطقة شرق آسيا جزءًا من جدول أعمال الاجتماع.
من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المجتمع الدولي. وأيضاً، نود تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط مثل قضايا اليمن وسوريا، أغتنم هذه الفرصة أن أتطرق باختصار للزيارة الأخيرة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى اليابان في سبتمبر 2016، وبالفعل، كانت هذه الزيارة هي فرصة رائعة لكل من المملكة العربية السعودية واليابان لترسيخ العلاقات الثنائية الوثيقة للتعاون بينهما في مختلف المجالات التي امتدت على مدى العقود الستة الماضية، ولانطلاق مرحلة التعاون القويللمملكة العربية السعودية من أجل خلق مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر من خلال تنفيذ الرؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، كما أننا نرغب في التعاون النشط مع المملكة العربية السعودية لتحقيق الأهداف التي خططت في الرؤية، ولهذا الغرض، قام كلا البلدين بتأسيس «المجموعة السعودية- اليابانية المشتركة لرؤية 2030» بمناسبة الزيارة التي قام بها ولي ولي العهد محمد بن سلمان إلى اليابان.
مباشرة بعد ذلك، قام وفد برئاسة معالي السيد هيروشيغي سيكو، وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، بعقد الاجتماع الأول للمجموعة المشتركة مع نظرائهم السعوديين، وذلك بتاريخ 9 أكتوبر 2016 في الرياض، حيث ناقشوا من خلاله مجالات التعاون المتوقع بشكل مفصّل، مثل مجالات الطاقة، والرعاية الصحية، وتجارة التجزئة، والرسوم المتحركة والملكية الفكرية.. وهكذا، قامت اليابان باتخاذ إجراءات سريعة لاستجابة النتائج الإيجابية لزيارة سموه.
وقامت المجموعة السعودية- اليابانية المشتركة لرؤية 2030 بتشكيل مجموعات فرعية أدناه التي سيقودها ويمثلها خبراء رفيع المستوى ومسؤولون من كلا الجانبين، فالمجموعات الفرعية هي:
1) فرص التجارة والاستثمار.
2) الاستثمار والتمويل.
3) الطاقة والصناعة.
4) المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبناء القدرات.
5) الثقافة والرياضة.
منذ الاجتماع الأول للمجموعة المشتركة، تقوم كل من البلدين بتعجيل مناقشات مفصلة لتحديد مجالات محددة وطرق عملية للتعاون.
ومن ضمن هذه المناقشات، تعتبر مجالات البنية التحتية، والترفيه، والطاقة، والاكتتاب العام لأرامكو، وإنترنت الأشياء IoT، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي (A.I.)، والروبوت (الإنسان الآلي) من الأولويات.
تأمل السعودية واليابان توافقهما على المشروعات ذات الأولوية أثناء اجتماع على
المستوى الوزاري في طوكيو في ربيع 2017، التي نأمل عقده بمناسبة زيارة الملك
سلمان إلى اليابان.
أخيراً وليس آخراً، نرغب تعزيز العلاقة مع المملكة العربية السعودية في المجال العسكري، نرحب بمزيد من المناقشة المتواترة والمفصلة بين البلدين حول قضايا أمنية إقليمية.
سنركز أيضاً على التبادلات الدفاعية المستقبلية المحتملة أو التعاون بما في ذلك تبادل الزيارات رفيعة المستوى من كبار مسؤولي الدفاع والتعاون في مجال المعدات الدفاعية. يسرني أن أشير إلى قيام المملكة العربية السعودية بتعيين ملحق الدفاع لها في طوكيو، وهو ملحق دفاعٍ أول للمملكة العربية السعودية إلى اليابان، حيث إن تعيينه يُعد رمزاً لتعميق العلاقات بين البلدين. أتمنى له مزيداً من التوفيق والنجاح في تعزيز التعاون العسكري والعمل جنباً إلى جنب مع الملحق الدفاع الياباني في الرياض.
العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية بين البلدين
لقد قامت المملكة العربية السعودية واليابان بشكل مشترك بتوسيع التعاون الاقتصادي منذ عام 1975، عندما تم إبرام «اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين المملكة العربية السعودية واليابان».
كانت المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط الخام في عام 2015 لليابان، وفي عام 2015، استوردت اليابان من المملكة العربية السعودية 1.1 مليون برميل من النفط الخام يوميا.
وبالنسبة للمملكة، فإن اليابان هي رابع أكبر دولة تُصدر لها السعودية، وثالث أكبر دولة تستورد منها في 2014، وبالنسبة لليابان، تعتبر السعودية خامس أكبر دولة تصدر لها (بنحو 3 تريليونات ين ياباني منتجات النفط الخام وغاز البترول المسال)، وكذلك الدولة رقم 21 الأكبر استيراداً للمنتجات اليابانية (بنحو 0.8 تريليون ين) في عام 2015.
من الواضح تماماً أن السعودية ستظل مزودة رئيسية موثوقة للنفط بالنسبة لأمن الطاقة لليابان. وأيضا، ستظل المملكة العربية السعودية واحدة من أهم المستوردين البارزين للمنتجات الصناعية اليابانية. وهذا يدل على أن البلدين ستبقيان كشركاء تجارة ممتازة. ولكن أتمنى أن أرى المزيد من الاستثمارات سواء كانت الواردة والصادرة وكذلك الاستثمارات المشتركة لفرص الأعمال خارج المملكة.
في عام 2010، كان إجمالي حجم الاستثمار الياباني المباشر في السعودية نحو 14.5 مليار دولار، وكانت اليابان رابع أكبر دولة مستثمرة في السعودية.
البيانات من اليابان توضح حجم الاستثمار الخارجي المباشر خلال الفترة 2012-2015 قد بلغ إلى 162 مليار ين ياباني».
تقليدياً، يظل التركيز الرئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر لليابان في قطاع البتروكيماويات السعودي، والأهم منها الاستثمار المشترك في شركة بترورابغ بمبلغ 16 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه، هناك استثمارات يابانية متزايدة في قطاع الصناعات التحويلية، مثل صناعة الشاحنات، وتوربينات توليد الطاقة، الأنابيب، والصمامات، الكيابل الكهربائية عالية الجهد تحت سطح البحر، وأغشية تحلية ومعالجة المياه المالحة وغيرها.
ومن المهم أيضاً أن مجموعة «سوفت بنك» (SoftBank) اليابانية الرائدة في مجال الاستثمار في التكنولوجيا، أعلنت في أكتوبر 2016 أنها ستنشئ صندوقاً مشتركاً مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي اسمه صندوق «رؤية سوفت بنك» بمبلغ 100 مليار دولار، حيث يستثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي وسوفت بنك مبلغاً قدره 45 مليار دولار و25 مليار دولار على التوالي، وتستثمر جهات أخرى بمبلغ قدره 35 مليارا دولار. سيسعى الصندوق لفرص استثمارية ممتازة في جميع أنحاء العالم، خاصة في مجال تقنية المعلومات وقطاع التتقنية العالية.
التعاون الثقافي بين البلدين
بالنسبة للمشروعات ثقافية، نقوم بتنشيط التبادل والتعاون مع الحكومة السعودية
نحو الرؤية السعودية 2030، ونأمل أن شريكنا السعودي سيستفيد من التجربة
والمعرفة والتقنية اليابانية في مجالات الثقافة والترفيه والرياضة.
وبهذا الصدد، يسعدنا جداً إعلان رغبتنا بإقامة «الأسبوع الثقافي الياباني» في شهر أبريل لهذا العام، وذلك بناء على مذكرة التعاون في مجال التبادل الثقافي التي تم إبرامها في سبتمبر الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك، نحن نخطط لمزيد من تسريع التبادل في المجال الرياضي، خاصة
تجاه الألعاب الأولمبية والبارالمبية بطوكيو في عام 2020، فقد قمنا بإرسال أربعة خبراء للكاراتيه إلى المملكة في يناير الماضي وسنقوم أيضاً بإرسال خبراء الجودو في شهر مارس المقبل، وذلك استجابة لطلب اتحادَيْ السعودي للكاراتيه والجودو.
ومن خلال هذه المبادرات، حلمي الكبير هو أن يفوز لاعبو الكاراتيه والجودو السعوديون ببعض الميداليات الذهبية في الألعاب الأولمبية طوكيو 2020.