خالد الربيعان
قبل يومين قامت هيئة الرياضة بما يمكن أن أسميه: الخطوة الأولى الحقيقية (فعلاً) ليكون عندنا رياضة محترفة!
قامت بإصدار (لائحة حوكمة الأندية الرياضية وإجراءات معالجة تعثرها المالي)، يمكنك أن تقرأها في 22 صفحة هي المسودة الأولية التي أصدرتها الهيئة، شيء أكثر من رائع بالفعل، وما كنا نتمناه على مدى كتابات كثيرة من ضرورة وجود ميثاق ولائحة يحترمها كل أطراف الرياضة حدث بالفعل، وبشكل رائع حقًا!
تسعون بالمائة مما تتمناه في عقلك ويتعلق بتوجيه الأندية الرياضية، وإدارة مالياتها، ورقابة نشاطها تجده وتُدهَش من دقة الألفاظ، واختصار وتركيز التعريفات والمهام في هذه اللائحة، بالرغم من أنها ما زالت مسودة!
ضربنا أمثلة من قبل عن قوة ميثاق الدوري الإنجليزي ومقال الأسبوع الماضي يشهد، وبالفعل منذ أيام حدثت حادثة أكَّدت لكم ما نقوله، زلاتان إبراهيموفيتش ضرب مدافعًا بكوعه في وجهه بقسوة، الحكم لم يطرد اللاعب وتقريره لم يذكر الحادث، الاتحاد الإنجليزي أنزل بياناً على موقعه الرسمي بعد المباراة فيه (لاحظ):
«لقد قررنا إيقاف اللاعب زلاتان، مهاجم مانشستر، ثلاث مباريات لإدانته لسلوكه العنيف، الواقعة حدثت في الدقيقة 44 من مباراة 4 مارس، الحكم لم ينظر للحادثة في توقيتها، لكن الفيديو أظهر الواقعة»!
هكذا! بمنتهي الشفافية والصرامة (والاختصار)! بيان عسكري يمكنك أن تقول! تعامل رابطة الدوري بلا تردد، وبسرعة، وبحزم وربما قسوة وعلى أكبر الأندية هناك! وأنا أتحدى تكرار اللاعب لهذه الواقعة مادام على الملاعب الإنجليزية!
ما رأيته في لائحة الحوكمة يبشر بوجود مثل هذا التنظيم، حتى إلزام الأندية بوجود متحدث إعلامي رسمي ليتحدث لوسائل الإعلام مما سيقضي على الإشاعات والفتن التي نراها: تم ذكره في اللائحة الجديدة.
توقيت صدور مثل هذه اللائحة ممتاز خاصة قبل عملية الخصخصة، مثلاً نقطة الشفافية والإفصاح فيها تطلب من إدارة النادي «الكشف الكامل عن الصورة المالية له لمعرفة واقع النادي، وتتم بصورة دورية وفورية، لأنها تهم كافة المعنيين بالنادي»، هذا بالنص منها، شيء مثل هذا يجعلك كمستثمر وراعي مطمئنًا، لأن كل شيء مراقب ومُحكم، مما يُلزم الكل بأداء منظم، وحذر من المخالفات، وحرص على تقديم أفضل النتائج.
جمعية النادي العمومية أصبح لها دور مهم وخطير، ستراقب التزام أعضاء مجلس إدارة النادي (وداعًا لإدارة الرجل الواحد «المُستبد المُستنير» التي مللنا منها!)، الجمعية توافق على ميزانية النادي، تُعين محاسبًا قانونيًا معتمد من الهيئة يراجع حساباته، تتأكَّد من سلامة النظام المالي والمحاسبي، وتراجع سنويًا فعالية الرقابة الداخلية للنادي.
محظورات مجالس الإدارات في ظل الخصخصة تم تحديدها، الهدايا المبالغ فيها وقبولها، أي عمولات ناتجة من صفقات لاعبين أو رعاية أو إعلانات، إفشاء أسرار النادي ومحادثات مجالس الإدارة (وداعًا للتسريبات!).
مسودة اللائحة كما رأيتها، احترافية بالدرجة الأولى، تجبرك على احترام ما فيها، تبشر بمستقبل رائع إذا تم الالتزام بها!.. فشكرًا لكل من أساهم فيها... من الأعماق.
انقراض الديناصورات!
اللائحة أيضًا بها باب كامل من عدة فصول لمعالجة الديون والتعثر المالي، فيها يلتزم النادي بالتبليغ عن أي دين أو مستحقات، بلاغًا يتضمن اسم النادي واسم الدائن وقيمة الدين، وسببه، وتاريخ استحقاقه! والديون الكثيرة عدم حلها قد يصل بمركز التحكيم الرياضي بالحكم بحل وتصفية النادي! مما يبشرنا بوداع ديون الأندية ذات الحجم «الديناصوري» التي رأيناها مؤخرًا!