ماجدة السويِّح
بعد عقود من انتظار منسوبي التعليم للتأمين الصحي، والترقب الطويل تمخض «التعليم» فأنجب «عبئا» ماليا اختياريا، فالحاصل أن وزارة التعليم تخلت عن واجبها في تقديم التغطية الطبية لمنسوبيها، وأرشدتهم للتأمين الطبي من مالهم الخاص تطبيقا للمثل الشعبي «كريم من مال غيره» من خلال مبادرة خجولة أضافت لها كلمة «اختياريا»، لدفع الحرج من تلك المبادرة الناقصة، وغير الواضحة المعالم من النواحي الشرعية والقانونية التي أثارها العديد من منسوبي التعليم والمختصين عبر وسائل التواصل الاجتماعية.
عقود مرت على المعلمين والمعلمات وهم يحلمون بالتأمين الطبي الذي سيوفر عليهم عناء الانتظار الطويل للمواعيد الطبية في المستشفيات الحكومية، والتكاليف المادية التي تثقل كاهل البعض منهم لتغطية النفقات الصحية له ولعائلته في المستشفيات الخاصة، لكن بعد إعلان وزارة التعليم عن التأمين الطبي الاختياري تبدد حلمهم إلى غير رجعة مع فرض رسوم للاشتراك في تلقي خدمة التأمين الطبي.
توقع الكثيرون من المعلمين والمعلمات أن تؤمن وزارة التعليم تأمينا صحيا أسوة بالعاملين في القطاعات الحكومية والخاصة، بحيث يكون التأمين مجانيا، أو يحسب التأمين الطبي كبدل ضمن سلم الرواتب، أو تخصص لهم مستشفيات ومراكز صحية متقدمة، لكن فاجأت الوزارة العاملين بالتأمين الاختياري من خلال دفع رسوم شهرية من رواتبهم، كما فاجأت الوزارة منسوبيها بتغطية غير كاملة لبعض الحالات الطبية، أو الأمراض المزمنة، إلا في حالة الاشتراك والتسجيل المبكر خلال الثلاثة الأشهر الأولى من التأمين للحصول على جميع المنافع الطبية للتأمين بحسب المتحدث الرسمي للوزارة مبارك العصيمي الذي صرح عبر تويتر بذلك، كما سيحظى المبادرون بالتسجيل بميزة تتمثل في عدم طلب بيان إفصاح طبي، لحث منسوبي التعليم للإسراع والاستفادة من العرض المقدم، وهذا يتنافى مع مبدأ التأمين الذي يفترض أن يقدم الخدمة للجميع دون استثناء أو امتيازات للمبكرين أو المتأخرين في الاشتراك بالتأمين.
من عيوب التأمين المقدم محدودية الاستفادة منه لمنسوبي التعليم في بعض المدن والقرى، كما تعاني المبادرة من نقص التغطية الشاملة لبعض الأمراض المزمنة أو الحالات التجميلية، بالإضافة إلى التكلفة المادية التي سيتكبدها المعلمون والمعلمات سنويا للتأمين على أنفسهم وعائلاتهم.
مبادرة وزارة التعليم أشبه بالمسوق الذي اجتهد في إيصال الخدمة للباحثين عنها بسعر خاص مع عدم وضوح للحدود و للمسؤولية القانونية، على المستفيد والوسيط وشركة التأمين، وكيفية ضمان حقوق المستفيد الذي وضع كامل ثقته بالشركة المقدمة للخدمة بناء على ترشيح الوزارة.
وأخيرًا تناقل المعنيون بالتأمين فتوى شرعية عن الشيخ ابن عثيمين بحرمة هذا النوع من التأمين كونه اختياريا، فيما تناقل آخرون رأياً شرعياً آخر يفيد بجوازه، وهذا يستلزم من وزارة التعليم الإيضاح وبيان شرعية هذا النوع من التأمين لمن يرغب في التسجيل به والاستفادة منه.