فهد بن جليد
زحام الشباب لشراء (الكبدة والسندويتشات) من سيارة الفود تراك على طريق الثمامة ليس كله نتيجة الشعور بالجوع، ذكاء صاحب المركبة له دور - برأيي -عندما علق لوحة (كبدة طازجة بأيدٍ سعودية)، فقد نجح في تحريك مشاعر أخرى عند المارة الذين قرروا شراء (الكبدة) حتى في الليل، رغم أن وجبات المطاعم السريعة والبوفيهات لا تبعد عنهم سوى أمتار قليلة، ولكن ما حدث هنا أشبه بالفزعة من قبل الشباب السعودي، لتشجيِّع صاحب سيارة الـ (فود تراك) وهو شعور جيد .
تبدو مسألة (الفزعة) جديدة علينا في هذا المضمار تحديداً، رغم أنها مُنتشرة وظاهرة معمول بها، ومُتعارف عليها عند بعض الجنسيات من العمالة المُقيمة في بلادنا مُنذ زمن، بصور وأشكال مُختلفة، بدأً من المُوزع أو مندوب المبيعات الذي يقدم تسهيلات وخدمات أكثر لأبناء جلدته بما يضمن منافستهم وزيادة أرباحهم وبقائهم في الأسواق، وصولاً إلى من يقوم بتوظيف واستقطاب جنسيته من بين الجنسيات الأخرى في أي مؤسسه أو مركز تجاري أو مشروع يُشرف عليه، وانتهاءً بالحالة الشبيهة (بفزعتنا الجديدة) خصوصاً في الأحياء الشعبية، أو الأسواق القديمة، عندما يكون زبائن الباعة المتجولين المُخالفين (بعربيات صغيرة) غير مُرخصة، والتي لا تلتزم بأدنى معايير النظافة والصحة، هم في الحقيقية أبناء جلدتهم، الذين يرون في الشراء من هؤلاء واجب وطني لمُساعدتهم في الغربة، وهو أحد أسرار انتشار وصمود الكثير من هذه العربيات القديمة أمام تعليمات ومطاردة البلدية ومنعها..
أشعر أنَّنا وصلنا مُتأخرين لندعم شباب الفود تراك من الباب الخلفي للفزعة، بالشراء تحت بند التعاطف معهم، فهل هذا هو النموذج المثالي الذين ننتظره للتعامل مع الشباب السعودي المُكافح والمُجتهد على طريقة (فزعة العمال) وتحالفهم؟!.
شبابنا بحاجة أكثر إلى الثقة، الإيمان بقدراتهم، منحهم الفُرصة كاملة، تسهيل عملهم، وحمايتهم ليشقوا طريقهم بمنافسة عادلة، أكثر من حاجتهم لزبون (المرة الواحدة)!.
وعلى دروب الخير نلتقي.