مها محمد الشريف
يوحي لنا العنوان بأن الحرية في حالها الراهن صحيحة البدن ومرنة الحركة وأن الخطر الذي يهددهها لم يطلها بعد وهذا لا يستقيم مع واقعها المر..
العالم اليوم الذي تجاوز عامل الزمن لم يتخط حداثة التطور، ولم يستطع أن يخلق حاضرًا أفضل يكتسب فيه الفرد حرية أكبر. بل تراجعت حريته إلى الوراء بمفاهيم أقدم وأعتق.وجد فيها الإنسان نفسه قيد منظومة مختلفة الشكل والتأويل تفتقد في نهاية المطاف إلى عقلنة الأزمات وحجم المسؤوليات .ويزيد من سلبها تدهور الأمن والاستقرار والسلام على امتداد الأرض.
وهو ما أعلنت عنه الولايات المتحدة في تقرير حديث محذرة من تراجع حريات التعبير والتجمع، وتفاقم أوضاع جماعات المعارضة وناشطي حقوق الإنسان أكثر من أي وقت مضى. مخالفًا في ذلك ما أكده الرئيس الأمريكي « ثيودر روزفلت» سنة 1941 ، من أن حرية الكلام والتعبير هي إحدى الحريات الأربع التي يستند عليها النظام العالمي المستقبلي لمجتمع يتمتع بالانفتاح والتعددية ، واليوم» واشنطن» تقول : حرية التعبير بالعالم في خطر»
وفي الوقت نفسه نقرأ في التاريخ أن الحرية نشأت أول نشأتها في سنة 1948، وأكدتها الدساتير الأمريكية والأوربية في صور الحركات النضالية التي تفجرت من أجل الحصول على الحريات الشخصية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر..
فهل نحن أمام اختلاف كبير في سياسة الحرية في القرن الواحد والعشرين، وكيف أصبحت المساعي والمخططات المرتبطة بالدول الحاكمة لهذا العالم؟ . بل كيف توزع فتات الحريات على الدول التي تقع تحت سيطرتها؟ في حين تمارس ظاهرياً الاستنكار والدفاع التقليدي عن حقوق الإنسان وتنشر مخاوفها من انتهاك لهذه الحريات.؟!
ومع ذلك لم يحدد تليرسون، في خطابه إلى الكونغرس الأمريكي عن أي مخاوف محددة حيال حقوق الإنسان، لكنه قال إن دعم الحقوق والديموقراطية «عنصر أساسي في السياسة الخارجية الأميركية»على حّد قوله.!
وكتب تليرسون نفسه في التقرير: «هذه القيم تشكل ركيزة أساسية لمجتمعات مستقرة وآمنة وتعمل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية وليس ضرورة أخلاقية فقط، لكنه من مصلحة الولايات المتحدة في جعل العالم أكثر استقرارا وأمنا». وهذا منطق مستقيم.
لكن بهذه الطريقة العالم يتساءل قائلاً:
لماذا لم تحصل الشعوب على أبسط حقوقها وتقام انتخابات نزيهة فيها؟
لماذا الشعب السوري على سبيل المثال المؤلم يُقتل لأنه ثار ضد دكتاتورية نظامه الحاكم،؟! وأين أولئك الذين يقارعون العدالة دفاعاً عن دولة إسرائيل واحتلال فلسطين .؟! أينهم من انتهاكات وقتل وتهجير السكان الأصليين لإقامة مستوطنات لليهود؟!، أين الحرية عن المواجهة بين أوكرانيا وروسيا في أروقة العدل الدولية ؟!
كل المقال برمته تساؤلات في قائمة الطرح. أكبر من كل علامات الاستفهام..
أين الدول التي تنادي بحرية حقوق الإنسان من مآسي الدكتاتورية البشرية؟! أينها من التمييز العنصري، وضحايا التعذيب في السجون، والمذابح الجماعية، وقتل مليون ونصف في الدول المجاورة لجنوب أفريقيا بدعاوى واهنة.
ولماذا لا تسهم الدول العظمى في وضع حد لنهاية العنف في العالم على خلفية القرارات والخطابات عن حقوق الإنسان وحريته؟!
لقد أصبح رد فعل كل شيء مضاعفا أو بالأحرى مفضوحاً يكيل بجميع الموازين والمكاييل.