«الجزيرة» - المحرر التشكيلي:
افتتحت مؤسسة الشارقة للفنون يوم الأربعاء الموافق 1 مارس 2017 المعرض الاستعادي للفنان أحمد مرسي «خيالات حوارية»، وذلك في متحف الشارقة للفنون بمنطقة الشويهين في تمام الساعة السادسة مساء. ويقدّم المعرض لوحات مرسي التشخيصية والفانتازية ورسوماته السريالية الكبرى، التي تمثل إضاءة على روح الشاعر الكامنة في أعماقه. إلى جانب تصاميمه في المسرح. كما يحتوي مواد أرشيفية تشمل مؤلفاته وكتاباته، وذلك في استعراض لمنجزه الفني والثقافي منذ أربعينيات القرن الماضي حتى يومنا الحاضر.
هذا، وشارك في تقييم هذا المعرض حور القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون، والدكتور صلاح حسن بروفسور كرسي أستاذية جولدوين سميث ومدير معهد دراسات الحداثة المقارنة في جامعة كورنيل.
يعمل أحمد مرسي برمزية عالية ليخلق تمثيلات شعرية لأحداث وأمكنة واقعية دون أن تفارقه تأثيرات الميثولوجيا والخيال واللا وعي، ولتشكل الذاكرة ومسار الزمن والتأمل والعزلة والغنائية العناصر الأساسية في أعماله الفنية. ويقول مرسي عن معرضه الاستعادي الأول هذا « أسدل ديواني الشعري (موسم الهجرة إلى الزمن الآخر) الستار على عالمي الشعري، وجاء صدوره بعد كتاب (الأعمال الشعرية الكاملة) المتضمن أكثر من 1000 صفحة أما عن عالمي الآخر، وهو عالم الفنون البصرية، فإنه ورغم وصولي إلى سن 87 في 9 مارس 2017، أي بعد افتتاح هذا المعرض بأسبوع والذي يعد أول معرض استعادي لأعمالي خارج مصر، فإنني ما زلت في صدد اكتشاف أسراري».
شكّلت الاسكندرية وما زالت فضاء مرسي الحيوي بما يتخطى حدود الزمان والمكان، فهو لا يرسم الماضي ولا يستسلم لغوايته بل يجسد في لوحاته ما يطلق عليه «الروح المصرية الفريدة»، ما يستدعي 7 آلاف سنة من التقاليد والأجواء المغمورة ببحار الحاضر الجيوسياسية والأخلاقية. وعلى الرغم من إقامة مرسي في نيويورك منذ عام 1974 فإنه مازال على صلة وثيقة بـ «مدرسة الاسكندرية» التسمية التي أطلقها الروائي والناقد المصري إدوار الخراط على مجموعة من المفكرين الأحرار المنتمين إلى جيل الأربعينيات في الإسكندرية.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور صلاح حسن المشارك في تقييم المعرض « إن أحمد مرسي فنان متعدد المواهب يتنقل بسلاسة بين أنواع الفنون وطرق التعبير المختلفة. ويمثل مرسي ما أصبح يعرف باسم (مدرسة الإسكندرية)، في المشهد الأدبي والفني المصري، فهو رسام بارع، وشاعر بليغ، وناقد أدبي وفني ممتاز امتدت مسيرته المهنية لأكثر من خمسة عقود».
ويرى حسن أن عيش مرسي في ثلاث قارات وتجاربه الحياتية فيها أثرت على عوالمه الفنية معتبراً «إنجازاته الفنية تجسيداً لتعدد الأصوات، فهو شاعر التصوير ومصوّر الشعر، كما قال عنه الناقد المصري سمير غريب». ويجد حسن أن القوة الموحدة التي تزيد من تعقيد أعماله وتتحدى أي قراءة فردية تكمن في «الروح السريالية التي تتخلل جميع إنجازاته عبر مختلف الوسائل الفنية. ومن هنا استمد هذا المعرض الاستعادي عنوانه من فكرة (خيالات حوارية) للتعبير عن النصية المتداخلة وتعددية الأصوات التي صاغ عبرها مرسي مواهبه الإبداعية، وتجاربه التي لا تعد ولا تحصى باستخدام الوسائط الفنية المختلفة».
ويشير قيّم المعرض المشارك إلى أن مجموعة الأعمال التي يضمها هذا المعرض الاستعادي تحتوي أعمال أحمد مرسي من بداية مسيرته الفنية في مسقط رأسه الإسكندرية، إلى بغداد والقاهرة، وصولاً إلى نيويورك التي يقيم فيها منذ مطلع السبعينيات.
إضافة إلى لوحاته ورسوماته السريالية الكبيرة، يضم المعرض كذلك تجاربه في الطباعة، وتصاميمه المسرحية، وكتبه الفنية، وهي وسائط لعبت دوراً رائداً في السياق الفني المصري. وتعرض مجموعة كبيرة من المواد الأرشيفية لتسلط الضوء على إسهاماته في عالم الشعر والنقد الفني بما في ذلك مؤلفاته وغيرها من الأعمال لتأطير تعابيره الفنية الغنية والمتعددة.
وعُرف مرسي أيضاً شاعراً حيث أصدر عام 1949 ديوانه الشعري «أغاني المحاريب/خطوات في الظلام» ولم يكن قد تجاوز التاسعة عشرة من عمره. كما ساهم عام 1968 إلى جانب كلٍّ من إدور الخراط، وإبراهيم منصور، وجميل عطية، وسيد حجاب وآخرين في تأسيس مجلة «جاليري 86» الطليعية، وشغل منصب رئيس تحريرها، ولتشكّل هذه المجلة المصدر الثقافي المرموق والصوت الأبرز في الحداثة المصرية الجديدة.