«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
يجمع مسؤولون يمنيون على أن اليمن يحتاج خلال فترة ما بعد الحرب إلى مصالحة شاملة لإعادة ترميم النسيج الاجتماعي الذي مزقته المليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، بعد أن نشرت القتل والدمار والخراب في كل قرية ومدينة، ورملت النساء، ويتمت الأطفال في مختلف أنحاء البلاد.
وأوضح نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر أن اليمن يحتاج بعد إزالة الانقلاب، واستعادة السلطات الشرعية، إلى ترميم ومعالجة النتوءات في النسيج الاجتماعي. مشددًا في تصريحات سابقة على أهمية استعادة اللحمة الوطنية، واستكمال بناء القوات المسلحة وفقًا لمعايير وطنية. كما أن اليمن بحاجة إلى بناء المنظومة الأمنية والمخابراتية، والبدء الفوري باستكمال ما تبقى من بنود المبادرة الخليجية، والشروع في تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وبناء مؤسسات الحكم، ووضع استراتيجيات لمحاربة التطرف والإرهاب.
ويؤكد وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني الدكتور محمد السعدي أن «مرحلة إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي من خلال إعادة بناء ما هدمته الحرب تستلزم خطوات لترميم النسيج الاجتماعي الذي دمرته المليشيات الانقلابية، عبر مصالحة وطنية شاملة وعدالة انتقالية». وشدد السعدي على أهمية معالجة أوضاع النازحين والمشردين، وإعادتهم لمناطقهم ومدنهم، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لآلاف العائلات التي تعرضت للتشرد والضياع بسبب الحرب.
وشهدت المحافظات الخاضعة للحكومة الشرعية عمليات حثيثة لترميم النسيج الاجتماعي، وإعادة تعمير ما خربه الانقلابيون أمنيًّا واقتصاديًّا وصحيًّا، فيما ازدادت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوءًا في المحافظات التي يسيطر عليها الانقلابيون.
ووفقًا لمركز الإعلام الاقتصادي اليمني «شهدت المحافظات المحررة (حضرموت، ومأرب، وعدن) استقرارًا في أسعار النفط والمواد الأساسية الاستهلاكية، إضافة إلى غياب السوق السوداء للمشتقات النفطية، وتوافرها في المحطات الرئيسية». وذكر المركز في تقرير حديث أن «توافر الكهرباء في حضرموت يصل إلى 23 ساعة يوميًّا، تليها محافظة مأرب ثم عدن بساعات متفاوتة، فيما تتوافر الكهرباء ساعتين فقط بمحافظة الحديدة التي يسيطر عليها المتمردون، وهي غير موجودة بشكل نهائي منذ عامين بمحافظتي إب وذمار». ويشير التقرير إلى أن جماعة الحوثيين دأبت على نهب المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها؛ الأمر الذي أوجد صعوبة في وصول تلك المساعدات لمستحقيها، وأن الحوثيين «ينهبون المساعدات الإنسانية، ويتم بيعها لتجار السوق السوداء، ثم يتم إعادة بيعها للمواطنين».
وفي إطار جهود الحكومة اليمنية لإعادة ترميم النسيج الاجتماعي دُشنت عدد من المشاريع التنموية في عدد من المحافظات، وكانت محافظة مأرب صاحبة النصيب الأوفر منها، وذلك بعد وضع حجر الأساس لإنشاء جامعة حكومية فيها، وتحسُّن بعض الخدمات.
من جهة أخرى، يرى وزير حقوق الإنسان اليمني السابق عز الدين الأصبحي أن الصعوبة الحقيقية تكمن في إعادة إعمار النفوس والنسيج الاجتماعي الذي يتمزق بفعل الحرب، وإعادة بناء مجتمع صُدم تمامًا بانقلاب لم يكن يتوقعه وتدمير الثقة بين أفراده. وقال الأصبحي: الأمر الخطير في اليمن أنه عندما اتجهت المليشيات إلى تعزيز الحرب الداخلية ببُعدها الطائفي لم تدرك أنها تمزق النسيج الاجتماعي لجيل كامل، لن يغفر لنا ما أحدثناه له من تمزق اجتماعي ونفسي.
من جانبه، بيّن وزير التجارة والصناعة اليمني الدكتور محمد الميتمي في حديثه عن مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار أن من الأسس والمرجعيات التي ينطلق منها مشروع إعادة الإعمار والتعافي الوطني الشامل المشاركة المجتمعية الشاملة. وأردف قائلا: أحد أسباب الصراعات والحروب في اليمن هو الإقصاء والتهميش؛ فكل جماعة تستأثر بمصادر القوة، وتلغي الجماعات الأخرى في المجتمع، ويخيل لها أنها تسلمت زمام الصيرورة التاريخية إلى ما لا نهاية. وهذا يُدخل المجتمع في أزمات وصراعات متلاحقة. ومشروع إدارة الإعمار ينطلق من مبدأ مهم، هو إشراك جميع اليمنيين على مختلف تياراتهم وانتماءاتهم الثقافية والسياسية فيه.