«الجزيرة» - علي مجرشي:
استعرضت ندوة (السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط) التي نظمتها اللجنة الثقافية بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية 31) بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات أمس الأول، أبرز ملامح السياسية الأمريكية الجديدة نحو الشرق الأوسط في عهد الرئيس الجديد للبيت الأبيض دونالد ترامب، حيث شرح معالي وزير خارجية مصر السابق الدكتور نبيل فهمي شخصية ترامب بأنها شخصية تعيش خـــارج الصندوق، وشخصية تصادمية، ولا يزال يخاطب ناخبيه منذ توليه منصب الرئاسة بلغة شديدة اللهجة، ما يعكس أنه لا يزال في مرحلة مخاطبة الناخب، ويجب التعامل معه على أنه شخص يريد تغير الواقع، ومن يرى أن السياسة الأمريكية مثل الماضي سيفاجأ بنتائج غير متوقعة.
كما استبعد فهمي في هذا السياق الانسحاب الأمريكي في المواقف أو التراجع في العلاقات مع دول الخليج في عهد ترامب، مؤكدا على أنه يتوجب على دول الخليج تحمل المزيد فيما يخص أمنها، التي أشار فهمي إلى أنها ستكون موجودة في حال الأزمات الوجودية، ومن يتوقع غير ذلك فهو مخطئ تماما.
أما مدير عام معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الاستراتيجية الدكتور عبدالكريم الدخيل فقد استعرض خلال مشاركته محددات السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط، واستشراف سياسة الرئيس ترامب نحو المنطقة خلال إدارته البيت الأبيض، وما هي الممارسات الأمريكية الظرفية من المنطقة، مشيرا إلى أن هناك محدداً أثر في القرار الأمريكي تجاه المنطقة منذ عقود وهي مجموعة المصالح الأمريكية في المنطقة من النفط والاقتصاد والأمن كون المنطقة تحتوي على 54 في المائة من احتياطي النفط في العالم و40 في المائة من الغاز الطبيعي، وحرص أمريكا على وضع الاستقرار الأمني في المنطقة مما يحقق مصالحها، كذلك تعميق علاقتها منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر الاستخباراتية والتعاون الأمني وتبادل المعلومات وتعميق سياستها مع دول المنطقة فيما يحقق القضاء على الجماعات الإرهابية، إضافة إلى محدد مهم في تطوير العلاقات الأمريكية تجاه دول المنطقة وهو أمن إسرائيل، وطبيعة المزايا الإستراتيجية في المنطقة مما يمكننا من تحديد توجهات السياسية الأمريكية في عهد ترامب، الذي أكد أهمية استحداث مناطق آمنة في سوريا وقمع الجماعات الإرهابية هناك بتشكيل لجنة عسكرية لدراسة الوضع وإطلاعه على النتائج خلال شهر من القرار مما يعزز تصميمه على القضاء على الإرهاب والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق.
من جانب آخر، تطرق الخبير الإستراتيجي والمحلل لشؤون الشرق الأوسط الدكتور سامي العدل من جمهورية لبنان، إلى مؤشرات ملامح السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط التي من أهمها الشعارات الانتخابية التي قادها ترامب في حملته الانتخابية التي وجهها إلى الداخل الأمريكي، التي تعد ذات بعد أيدلوجي عقائدي، وهي ما ارتكزت عليه قراراته في أيامه الأولى منذ توليه منصب الرئاسة الأمريكية، مؤكدا على أثر هذا البعد الداخلي لسياسة ترامب، إلى جانب التعيينات التي اتخذها لجلب معاونيه في الإدارة وتبني القرارات والسياسات معهم الذين يتبنون الفكر التقليدي الجمهوري، ومن بينهم الجنرال ماتيس الذي يؤكد أن إيران هي المهدد الأول لأمن الولايات المتحدة.
كما استبشر المشارك في الندوة مدير مركز الكويت للدراسات الإستراتيجية الدكتور سامي الفرج، بمجيء وفوز ترامب للرئاسة الأمريكية، حيث يرى أنها تتجه إلى الإيمان بخطر إيران وتهديدها لأمنها ومصالحها في الخليج وفي الشرق الأوسط، متوقعا أن دول الخليج لم تكن لتصمد دبلوماسيا لو وصل الحزب الديمقراطي للرئاسة، مشيرا إلى أن دول الخليج في عهد أوباما اعتمدت على نفسها في اتخاذ قراراتها السياسية والمصيرية في التعامل مع القضايا التي وقف العهد الأوبامي متفرجا حينها، مؤكدا على الدول العربية والخليجية بأهمية أن تتخذ مواقف قوية فيما يتعلق بالنفوذ الناعم العالمي وردم التقاعس السياسي الذي بدأ منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، متوقعا أن سياسة ترامب ستسعى لاستعادة النفوذ الأمريكي في دول المنطقة ومحاولة إبعاد روسيا وحلفائها عن الساحة، خصوصا في المشهد العراقي والسوري، وذلك بالتصدي بقوة للجماعات الإرهابية.