في بساط العبور الذي نحن ننتقل فيه إلى حيث نريد بإذن ربنا ننوي بوعي واستيقاظ الانتباه إلى الارتدادات التي يعملها كل واحد منا بوعي-بغير وعي وإن كانت في الغالب تتم بشكل غير واع ونحن نقصد بالارتدادات هي تلك الأعمال السالبة - السلبية التي أنت تمررها في خط حياتك تجاه الآخرين سواء كانوا أشخاصاً أم أشياء وتمريرك لها بمعنى عملك لها الأمر الذي يجعلها تنعكس عليك في يوم من الأيام فأنت وإن نسيتها إلا أنها لا تنساك مطلقا ولذلك نجد رسول الهدى والرشاد سيدي محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).. وهنا نجد أن الأمر ممتلئ بالجدية فما بعد نفي الإيمان من تخاذل أو تقصير ومن عمل بهذا الحديث فإنه من المتيقن بأنه هو المستفيد قبل أن يستفيد أخيه حيث إن الارتدادات ستكون بمثل ما يحبه لأخيه فتصور أن تحب لأخيك حتى وإن كنت مختلف معه أشد الإختلاف السلام والدعاء والطيبة فإن كل ذلك سيرتد إليك عاجلاً أم آجلاً وحيث إن أحد مسلمات نموذجنا - الترانسيرفينغ بأن العالم يشبه المرآة وأن واقعنا - حياتنا تتشكل بالصورة التي نظنها فوجب علينا أن نفكر قبل أي عمل بثلاثة أمور الأول: ماذا نرسل لتلك المرآة كي نعرف ما هو الارتداد الذي سيعود علينا؟.. والثاني: هل نرسل أفكاراً ظلامية ومشاعر منخفضة؟.. أم أفكاراً نورانية ومشاعر عالية إيجابية؟.. والثالث: ما هي الأعمال التي نرسلها كذلك هل هي إعمال صالحة أم فاسدة؟ إذن فمن المهم أن نكون مستيقظين/شاهدين لفكرة الإرتداد/ البومرانك وإذا أردنا أن لا نرى مشاكل وسلبيات في خط حياتنا فعلينا أن نمرر ذلك عبر مصفاة التنقية لكل النوايا والأفكار والمشاعر والأعمال السلوكية التي نقوم بها كي نضمن بإذن الله تعالى عدم ارتدادها علينا بشكل سالب/ سلبي وهنا نجد الحق سبحانه وتعالى في محكم التنزيل يؤكد ذلك المعنى بقوله: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}.. إنك كلما حافظت على أن لا يكون من نواياك وأفكارك ومشاعرك وسلوكياتك إلا أطيبها وأزكاها وأجملها كلما حافظت على مسار في خط حياتك مليئاً بكل تلك الطيبة والجمال والسلام والسلامة ولذلك نجد فاديم زيلاند يقول: الشريط الذي تدوِّره في ذهنك هو الفيلم الذي تشاهده في واقعك. فاحرص على أن تدوِّر في ذهنك وداخلك إلا كل ما هو جميل. وقد سأل صاحب رسول الله عليه السلام وأقربهمإليه أبو بكر رضي الله عنه قائلاً: يا رسول الله وأينا لم يعمل سوءاً قط؟ وفي روية أخرى قال يا رسول الله: جاءت قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءاً قط؟.. فقال له الرسول: يا أبا بكر ألست تحزن, ألست تصيبك اللأواء, فذلك ما تجزون به. ثم إن لدينا في تاريخنا الإسلامي الكثير من المبشرات في حال أخفق الواحد منا ومرر للمرآة بعض الأشياء الخاطئة فالصلوات كفارات والخطوات إلى المسجد تحسب بكرم رباني كبير فخطوة تكتب بحسنة والأخرى تمسح عنك سيئة والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر والعمرة والحج والتسبيح بأنواعه والاستغفار.. فشكراً لك يا الله على كل ما قدّرته لنا وعناية بنا؛ فاللهم أيقظ في قلوبنا رؤية كل الجمال الذي بثثته في الوجود وأنر بصائرنا واهدنا سبل السلام.. وتذكروا قبل الختام تلك القصة التي أمرنا بقراءتها كل يوم جمعة في سورة الكهف وأن حصولهم على الكنز إنما كان لصلاح في أبيهم (فكان أبوهما صالحاً) وأيضاً تذكروا بأن اليوم جميل وغدا أفضل.