لا يمكن لنا أن نغفل المدى الذي وصلت إليه الحكومة السعودية في مواجهة فكر داعش بالعديد من الاتجاهات المادية كقتالهم مباشرة أو الفكرية كالتغيير في مناهج الدراسة والضخ المواجِه في خطب المساجد ضد الفكر الداعشي؛ وامتدت هذه المواجهة إلى الإعلام بكل أنواعه؛ وكذلك التعاون الدولي ضد هذا الفكر (وأحيل هنا إلى ثلاثة أفلام وثائقية بثتها قناة العربية بعنوان: كيف واجهت السعودية القاعدة).
ومع هذا الجهد الواضح في المواجهة إلا أننا لم نلحظ فتح المجال للمؤسسات التي تعنى بالقراءات التأويلية للنصوص؛ ولهذا فإنه لا تزال تسيطر القراءة النصية على المؤسسة الدينية في السعودية، وهذه الأحادية في قراءة النص الديني التي تتمتع بها المؤسسة الدينية في السعودية سيؤثر سلبًا على التعامل مع النص الديني وتعددية قراءته؛ وبما أننا نؤمن بأن الفكر يواجَه بالفكر فإن المنهج الأكثر مواءمة لمواجهة فكر داعش هو فتح المجال للقراءات الأخرى للنص الديني؛ وبهذا فإننا سنثري النص الديني بالتأويل كما أننا سنجادل عمق التنظيرات التي يؤمن بها الفكر الداعشي.
و لا ضيْر من تبني الحكومة لهذه المؤسسات التي تقرأ النص بمناهج تأويلية؛ أو فتح المجال العام والمؤسسات المجتمعية لها لتكون عونًا لهدف مواجهة ذلك الفكر الداعشي النصي.
ولعلي حينما أقترح إبداع هذه المؤسسات الموازية في قراءة النص الديني لا أعني أن المؤسسة الدينية الحالية تحمل الفكر ذاته الذي يتبناه الفكر الداعشي بقدر ما أعني كونها مناصرة وموازية لها في الجدل لتنظيرات داعش في فهم النص الديني.
ومن المستحسن أن تتحول قراءة الفكر الداعشي للنص الديني وما أنتجته من تقتيل للإنسان باسم الله في كل مكان إلى حث وحض للسياسة والمفكرين في محاولة إعادة قراءة النص الديني تأويليًا على نهج متجدد ومتغير يعين في إخراج مكنونات النص الديني؛ وبهذا فإن منهجية داعش في فهم النص الديني ستضحي باب خير لنا في تجديد القراءة النصية وفتح السبل أمام من يحاول هذا التجديد؛ وقد لاقى هذا الرأي قبولاً عند العديد من المفكرين في العالم العربي أمثال: محمد محجوب، محمد شحرور، رضوان السيد وغيرهم ممن يهتم بإعادة قراءة النص الديني تأويليًا. وربما تكون هذه الخطوة هي الخطوة الأكثر أهمية في مواجهة الفكر الداعشي.
- صالح بن سالم
@_ssaleh_