«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
رغم استمرار تركزه في القطاع التقليدي، وهو التجارة، إلا أن تغيرات مهمة وحيوية طرأت على خريطة الائتمان المصرفي المقدم للقطاع الخاص خلال السنوات العشر الأخيرة من تراجع في أنشطة التمويل إلى زيادات كبيرة في الائتمان المقدم إلى أنشطة عديدة.
ويوضح الجدول المرفق أن زخمًا شديدًا ظهر في الائتمان المصرفي المقدم للقطاع الخاص في قطاعي التعدين والمناجم بنسبة تغير بلغت نحو 1188 % خلال السنوات العشر الأخيرة، يليه قطاع الماء والكهرباء والغاز والخدمات الصحية بنسبة زيادة بلغت 1065 %، فيما يصل معدل النمو السنوي للائتمان المصرفي المقدم للتعدين والمناجم إلى 119 %، مقابل 106 % لقطاع الماء والكهرباء والغاز والخدمات الصحية.
ورغم أن معدلات التغير النسبي تسير في صالح هذين القطاعين إلا أن توزيع الائتمان المصرفي خلال الفترة الحالية (الربع الثالث من عام 2016م) لا يزال يصب في صالح قطاع التجارة بالدرجة الأولى، الذي لا يزال يساهم وحده بنسبة 21 % من إجمالي الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، يليه قطاع الصناعة والإنتاج بنسبة مساهمة 13 %.
وتحث هذه التغيرات في خريطة الائتمان المحلي على التفاؤل بمسارات الصناعة الإنتاجية؛ إذ إنها بدأت تسير في اتجاه تعزيز القيمة المضافة، خاصة في القطاعات ذات التميز النسبي بالمملكة. فبالرغم من أن تمويل عمليات التجارة مهم ومفيد أحيانًا إلا أنه لا يضاهي حجم القيمة المضافة التي تحققها القطاعات الصناعية والإنتاجية، والتي تخلق بيئة مستدامة.
وتحث وحدة أبحاث صحيفة «الجزيرة» على استمرار وتعزيز هذا التوجه بإعطاء تفضيل نسبي للصناعات المعززة للقيمة المضافة، بحيث يمكن تقديم اشتراطات خاصة للصناعات التعدينية. ونستطيع القول إن هذا التوجه هو الصانع للتنويع الاقتصادي الحقيقي المستقر.
ومن المهم معرفة أن الصناعات التعدينية والاستخراجية تمثل استثمارات طويلة المدى، وتستغرق فترات طويلة حتى تنتج، وتحتاج إلى تسهيلات ائتمانية خاصة. لذلك فهي تتطلب نظرة مصرفية خاصة؛ فالمصارف قد لا تقبل على تمويل هذه الصناعات بسهولة، بل إن تركز الائتمان في قطاع التجارة لا ينبع من طلب مصرفي لتمويل القطاع التجاري فقط، بقدر ما هو تفضيل مصرفي لتمويل هذه التجارة التي تتصف بالسرعة وانخفاض درجات المخاطرة، خلافًا لتمويل نشاط التعدين والمناجم الذي يتصف بطول فترات التمويل، وتزايد معدلات المخاطرة التي تكتنف الصناعة.
لذلك، من المفضل مراجعة المسارات التمويلية للقطاع الخاص بحيث يتم إعطاء تفضيل أعلى للأنشطة الإنتاجية والصناعية، خاصة التي ترتبط بالتعدين والمناجم؛ لأنها تمثل التنويع والاستقرار الاقتصادي المطلوب والمخطط في رؤية المملكة 2030.