«الحياة تجمع وتفرق، (وليس لحي على الأيام تخليد) والرحيل عبرها إلى الدار الآخرة، مسيرة إلهية لا تتوقف، وهو ديدنها الذي لا ينتهي، والبقاء لخالق الأرض».
والإنسان يحزن ويتألم ويبكي، لمفارقة قريب، أو صديق، يباغته الأجل بتنوع الأسباب، فيفارق الحياة، وفق أجله المحتوم، فلله الحمد والشكر، على أقداره وآجاله المكتوبة، التي ليس لنا أمامها إلا الصبر والاحتساب والإيمان بالقضاء والقدر، فله سبحانه ما أعطى، وله ما أخذ.
ففي يوم الأربعاء 8-3-1438هـ الموافق 7-12-2016م وفي مدينة جدة، انتقل إلى رحمة الله تعالى مأسوفاً عليه الزميل الصدق الصدوق الأديب الشاعر المؤرخ الأستاذ الدكتور: إبراهيم بن محمد الزيد بعد معاناة طويلة مع المرض وصُلِي عليه بالمسجد الحرام.
والراحل ينتمي إلى آل المغيرة من قبيلة بني لام الطائية.. ويعتبر علماً من أعلام الفكر والأدب والشعر بالمملكة العربية السعودية بوجه عام.. وفي مصيفنا الجميل الطائف بوجه خاص.. فعلى أرضه المعطاء نثر إبداعاته من شعر ونثر وتأريخ.. خلال الثمانينات الهجرية حين كان طالباً بدار التوحيد.. ونشر معظمها في صحف ومجلات عديدة: كالرائد واليمامة والرياض والبلاد وعكاظ وقريش في عهد صحافتي الأفراد والمؤسسات... ومن إصداراته في هذا الجانب: ثلاثة دواوين شعرية هي: (المحراب المهجور/ وأغنية الشمس، وجراح الليل/ من نثرياته تحقيق ودراسة لكتاب المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب/ تأليف الشيخ عبدالرحمن بن حمد بن زيد المغيري/ وتحقيق ودراسة كتاب/ بهجة المهج في بعض فضائل الطائف ووج/ تأليف أحمد بن علي الميورقي/ وقراءات في شعر الشيخ سليمان بن سحمان. وله مشاركات أدبية وأمسيات شعرية ولقاءات ثقافية في الداخل والخارج.
عمل بتعليم الطائف بعد تخرجه في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة جامعة أم القرى عام 81 -82م وشغل العديد من أعمالها الإشرافية... ثم رئيساً لديوان إمارة منطقة عسير عام 92 ثم ابتعث للدراسات العليا ببريطانيا بجامعة أكستر وحصل على الدكتوراه من الجامعة نفسها عام 1400هـ/ 1979م وعمل بعدها أستاذاً مساعداً بجامعة أم القرى بمكة قسم التاريخ وصدر الأمر السامي الكريم بتعيينه وكيلاً لإمارة منطقة الباحة عام 1404هـ صدر الأمر السامي بنقل عمله بناء على طلبه إلى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة.
وإضافة إلى هذه السيرة العطرة في خدمة الأمة والوطن والثقافة والشعر والأدب... فقد كان أيضاً عضواً فاعلاً في مجلس إدارة نادي الطائف الأدب وأحد مؤسسيه... ويمتاز الدكتور الزيد بالتواضع ودماثة الأخلاق والإخلاص والجدارة في عمله ووفائه لأصدقائه ورفاق دربه ومحبيه ومعارفه وتعهدهم بالسؤال الدائم.
ويعد من أنشط أدباء وشعراء الشباب وخصوصاً في مجال الشعر بمدينة الطائف وقد ترجمت له في كتابي (من أدباء الطائف المعاصرين) في طبعتيه الأولى عام 1410هـ والطبعة الثانية عام 1432هـ ويمتاز شعره بالسلاسة والوضوح وصدق العواطف والوجدانيات، وقد أشاد شعراً بجمال الطبيعة في بعض مصايف ومنتجات الطائف الجميلة وعسير والباحة خلال إقامته مسؤولاً فيها.
وله قصائد وطنية وقومية عديدة تلامس قضايا أمتيه العربية والإسلامية لا تتسع مساحة المكان لذكرها... وحسبنا أنه أديب جمع بن الشعر والأدب والتاريخ... أضاف للمكتبة العربية بعامة والسعودية بخاصة العديد من إبداعاته الشعرية والنثرية ما سجله تاريخ الحركة الأدبية الفكرية بالمملكة العربية السعودية بالريادة والاعتزاز.
كانت هذه كلمة وفاء عن علم من أعلام الأدب والفكر والشعر والتاريخ ببلادنا.. رافقته على أرض الطائف وزاملته بنادي الطائف الأدبي فكان نعم الرفيق والأخ الزميل (وفاء ومودة).
رحم الله الفقيد وتغمده بواسع رحمته وغفر له وتجاوز عنه وجعله في جنات النعيم، وجعل ما قدم وأنجز في خدمة أمته ووطنه وقيادته في ميزان حسناته، وألهم أهله وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
علي خضران - الطائف - زميله وصديقه، نائب رئيس النادي الأدبي بالطائف سابقاً