بغداد - «الجزيرة»:
بينت غالبية قوى المعارضة السياسية في العراق عن رفضها التام لمشروع «التسوية التاريخية»، الذي طرحه رئيس التحالف الوطني العراقي الحاكم، عمار الحكيم، الشهر الماضي، بسبب عدم وجود ضمانات حقيقية لتنفيذ أي اتفاق، كما يرفض التحالف الوطني الشيعي الحديث عن ملفات مهمة وحساسة، أبرزها حل المليشيات وإعادة التوازن إلى الجيش العراقي والشرطة وجهاز الاستخبارات وباقي مؤسسات الدولة الحساسة، ومعالجة ملف التغيير الديموغرافي على أسس طائفية في بغداد ومحافظات عراقية أخرى، وعودة التركيبة السكانية لما كانت عليه قبل حملات التهجير والطرد التي نفذت بعد احتلال العراق، وإحالة جميع الجرائم التي ارتكبت إلى قضاء دولي وليس محلياً، فضلاً عن مشكلة التغلغل الإيراني في البلاد. وتسعى قوى سياسية أخرى، غالبيتها مشاركة في العملية السياسية، إلى الاتفاق على صيغة رد موحدة على مشروع التسوية، وذلك عبر سلسلة اجتماعات معلنة وأخرى سرية، تهدف لتوحيد مواقف القوى السنية التي تعتبر المتضرر الأكبر في العراق حالياً، بهدف تقديمها للطرف المبادر ورفضت قوى بارزة في المعارضة العراقية الانخراط في تسوية لا تتناول سوى مواضيع أقرتها مبادرة التحالف، فضلاً عن أنها بلا ضمانات نهائية واشترطت أن تكون التسوية، في حال جدية كل الأطراف، أن تتضمن طرفاً ثالثاً، ممثلاً بمجلس الأمن، وتشكيل محكمة دولية لمعالجة جميع آثار ما بعد الاحتلال. وبحسب مصادر سياسية عراقية، فإن «محاولات رئيس التحالف عمار الحكيم إدخال أطراف عربية، مثل الأردن، على خط الوساطة لإقناع الأطراف العراقية المعارضة لم تلقَ نجاحاً، حيث نأت عمّان بنفسها عن ذلك». وسبب ذلك عدم إمكانية الوثوق بوعود التحالف الوطني الحاكم للعراق فيما لم تشهد وساطات سابقة، مثل مؤتمر المصالحة في القاهرة نهاية العام 2005 ووثيقة مكة في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2006 تفعيلاً لما تم التوصل إليه بسبب تنصل كتل التحالف الوطني ممّا تم التوقيع عليه. وتقول قوى عراقية عدة إن ظهور تنظيم (داعش) واكتساحه العديد من المحافظات في العام 2014 جاء نتيجة التهميش والإقصاء والظلم وجرائم التطهير الطائفي لحكومتي نوري المالكي الأولى والثانية. وعقدت قيادات سياسية ودينية مختلفة اجتماعاً في منزل رئيس البرلمان سليم الجبوري، الاثنين الماضي، ناقشوا خلاله الموقف من ورقة التسوية المقدمة من التحالف الوطني، وفقاً لبيان صدر عن مكتب الجبوري، الذيأكد أن «الحاضرين أبدوا رغبتهم الجادة في بناء دولة الشراكة مع الآخرين». كما تم الاتفاق أيضاً على استئناف هذه اللقاءات خلال الأيام القليلة المقبلة، للتوصل إلى اتفاق موحد ورؤية مشتركة بهذا الخصوص. وفي سياق آخر قالت رئاسة إقليم كردستان، إن رئيس مليشيات جماعة عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، «إذا أراد احتلال كردستان فمصيره سيكون كمصير داعش»، على حد قولها. وذكر المتحدث الرسمي باسم رئاسة الإقليم، أوميد صباح في بيان له، «طرح رئيس جماعة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، في لقاء تلفزيوني له بعض الآراء السلبية والخاطئة بحق كردستان وقوات البيشمركة ورئيس إقليم كردستان والمرحلة التي ستعقب دحر وطرد داعش من العراق، حيث أكد أن الكرد هم المشكلة الأكبر في العراق بعد داعش». وأضاف صباح أن «إطلاق مثل هذه التصريحات من قبل الخزعلي ليست بجديدة وهذه ليست المرة الأولى التي نسمع منه تهديدات ضد شعب كردستان، ونتمنى أن تكون هذه التصريحات الخاطئة وغير المسؤولة معبرة عنه وعن مسلحيه فقط، إذ لا نعتقد بأنَّ الخزعلي يمثل الحشد الشعبي، ولذا نطالب قيادة الحشد الشعبي بأن تعبِّر عن رأيها وموقفها من تصريحات الخزعلي. وإنّ شعب كردستان لم يطمع ولم تطمع قوات البيشمركة يوماً بالاستيلاء على أراضي وأملاك وبيوت الآخرين، ولم يكن نصيب من أراد أن يستولي على أرض كردستان بغَرَض الاحتلال سوى الفناء والاندحار». وأشار إلى إن الخزعلي إذا أراد وأمثاله احتلال كردستان، فلن يكون مصيرهم أفضل من مصير داعش بكل تأكيد، ونحن متأكدون بأنهم لن يستطيعوا تكرار ما فعله داعش بكردستان وشعبها، ولن يكون بمقدورهم إبادة هذا الشعب وممارسة جرائم القتل على الهوية بحقه - بحسب تعبيره.