يضيف الخبير في مجال الريادة والتوظيف الدكتور أحمد السيد عمر بأن المملكة تواجه أزمة، نلمس آثارها السلبية الآن، وليس غدًا، من خلال الاستقدام غير المخطط للعمالة غير الماهرة؛ وبالتالي سنستعرض هذه الآثار وفقًا لما يأتي:
أولاً: الآثار السلبية في الاقتصاد الوطني
إن اقتصاد المملكة، وحتى الخليج كله، يتحكم فيه الأجنبي تحكمًا لا يختلف اثنان على تأثيره الخطير مستقبلاً. وقد ساهم وجود العمالة الوافدة غير الماهرة في ارتفاع معدلات البطالة في سوق العمل، والتأثير على حجم التحويلات من العملات الأجنبية للخارج.
وفي ظل الظروف التي نعيشها لا بد من تخفيض البطالة بالتفكير في خطة وطنية لإحلال العمالة المحلية محل الوافدة غير الماهرة بشكل تدريجي وصولاً إلى الإحلال شبه الكامل. ولا بد من حث أرباب العمل على تشغيل العمالة المحلية، وعدم السماح بتشغيل الوافدين إلا في حال تعذُّر وجود سعوديين مستعدين للقيام بالأعمال نفسها. فهي إن فعلت ستصطاد عصفورين بحجر واحد: توفير العملة الصعبة، وتخفيض البطالة. وإذا كنا لا نزال نتحدث عن ثقافة العيب فعلى شبابنا أن يدركوا أن الكثير من الأعمال التي يشغلها الوافدون هم أولى بها، ويستطيعون أن يتقنوها، ويوفروا تسرُّب الدولارات من الوطن.
ثانيًا: الآثار السلبية في الوضع الاجتماعي
إن الاستقدام غير المخطط وغير الهادف لأسواق المملكة سيلقي على المجتمع أمراض البطالة والتضخم عامًا بعد عام، وستتفاقم الأرقام، ولن يجد شباب وشابات المملكة من يستوعبهم، رغم أن أسواقنا تستوعب الملايين من العمالة الوافدة غير المختارة بشكل صحيح، خاصة في هذه المرحلة التي تطل فيها العزوبية برأسها على الحياة الاجتماعية. وبدورنا، فنحن نعلم مساوئ الانعكاسات السلبية لهذه الظروف؛ إذ تزداد شريحة المسنين، وتقل شريحة المتزوجين والمنجبين من المواطنين، وتتكاثر العمالة الوافدة غير المخططة يومًا بعد يوم، وشهرًا بعد شهر، وعامًا بعد عام، وهكذا رويدًا رويدًا تذوب الكثافة السكانية في خضم الكثافة السكانية الوافدة.
ثالثًا: الآثار السلبية في الأمن النفسي
الاستقدام غير المخطط وغير المدروس سيولد شعورًا لدى المواطن بالتذمر والقلق النفسي الناجمين عن الغربة في الأوطان؛ فالمواطن السعودي تعوّد أن يكون جيرانه أهله وإخوانه وأبناء عمومته وأنسابه وخالاته، وجداته.. إلخ، ولكن الذي حدث أن الذي يجاورك الآن قد لا تعلم أبدًا من هو.
رابعًا: الآثار السلبية في الجانب السكاني
لماذا نجعل العمالة الوافدة غير المخططة وغير المختارة بعناية تصل إلى هذا الحد الذي خلق شعورًا بأن الأرض (ترطن)، ولا تجيد لغة جزيرة العرب؟ الوجود السكاني أينما كان يشكل ثقلاً، شئنا أم أبينا، وهذا الثقل إذا لم يكن في صالح الوطن فلماذا يكون أصلاً؟ فحيثما هاجر الإنسان، واستقر، ووضع رحاله، قلب الحال من وضع إلى آخر. هذه سنة الحياة، وسنة البشر.
نحن لا نكره الأجانب أبدًا، وهم شركاؤنا في النجاح والتميز، واستفدنا منهم كثيرًا، ولكن السؤال الأهم هو: كم يمكننا أن نستوعب على أرضنا؟
خامسًا: الآثار السلبية في القيم والتقاليد والعادات
مما لا شك فيه أن المتابع للأوضاع الأسرية يلحظ أن القيم والتقاليد والعادات في بدأت تتأثر إلى حد لا يستهان به بقيم وعادات وتقاليد وافدة. وعلى العموم، فالمعروف أنه إذا اختلط الأكثر بالأقل تغلب الأكثر على الأقل؛ فأثر فيه.
سادسًا: الآثار السلبية في الأوضاع السياسية
إن المملكة تتحمل أعباء سياسية، لا قِبل لها عليها، بسبب العمالة الوافدة العادية وغير المخطط لها، التي جاءت من بعض المناطق التي لا تتوافر فيها الرعاية الاجتماعية والصحية والإنسانية إلا ما ندر، وتضع المملكة لها معايير للسكن، وللتأمين الصحي، وللرعاية الإنسانية على المستوى الذي يفوق الكثير من بلدان العالم، ورغم ذلك يثير قادتهم في الأحزاب الناشطة داخل بلدانهم الرأي العام الأممي ضد الهيئات والمنظمات والشركات والحكومات الخليجية بدعاوى تُحرِّكها في كثير من الأحيان صراعات سياسية في الأحزاب داخل بلدانهم؛ ما جعل بعض الجهات الأممية المتحيزة تدين المملكة بسبب، أو من دون سبب.