«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
منذ اختار الله سبحانه وتعالى أرضنا الطيبة لتكون مكاناً مقدساً لبيته العتيق ولمهبط الوحي، وهذه الأرض بمنزلة القاعدة الإستراتيجية لشعوب العالم المسلمة، إليها يتوجون من استطاع الحج والعمرة وحتى التجارة. وهكذا نجد أن بلادنا كانت وما زالت - وهذا بفضل الله - صمام الأمان وقبلة المسلمين، بل كانت المرفأ لشعوب العالم، بفضل ما وهبها الله من قيادات حكيمة طوال العقود الماضية.. هذه القيادات التي سعت بل بادرت للتضامن الإسلامي، والانفتاح على العالم كل العالم.. لذلك باتت ملتقى للدبلوماسية العالمية، حيث يوجد سفراء الدول المختلفة فيها، ولتردد ممثلي الدول عليه، بل تحفل بين يوم وآخر بزيارة قادة بعض الدول إليها للتشاور والاستفادة من حكمة وحصافة قادتها، بدءاً بالملك المؤسس - طيب الله ثراه - ومروراً بمختلف أبنائه من الملوك الراحلين - رحمهم الله جميعاً - ووصولاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.. الذي في عهده بات لوطننا الحبيب بعداً أكبر، حيث تنامى الوطن وبات يشار إليه بالبنان، بوطن التحدي، والحزم والعزم.. بجانب الحضور المعنوي من القيادة السعودية في مختلف المحافل الدولية. وظلت بلادنا طوال العقود الماضية وحتى اليوم تمسك (بشعرة معاوية) في مختلف علاقاتها مع الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة، واضعة في أجندتها الدائمة تعزيز علاقاتها مع مختلف الدول أياً كان نظامها السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، وبالتالي ازداد الوجود السعودي في مختلف قارات العالم من خلال سفاراتها وقنصلياتها وممثليها، بل وحتى الآلاف من أبنائها وبناتها الذين يدرسون في هذه الدول. وبفضل الله تخرج من هذه الدول العديد من حاملي الشهادات العليا من الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس، بل حقق بعض المبتعثين والمبتعثات نجاحات وتفوقاً كان مشهوداً، وجسد حقيقة ما يتمتع به الطالب السعودي من قدرة استيعابية وابتكارية وتميز وذكاء جعل بعضهم وبفخر واعتزاز يقطفون الجوائز والميداليات.. بل كثير من الدول راحت تسعى لاستقطابهم ومنحهم جنسياتها. لكن حب الوطن والاتماء لأرضه الطيبة جعلتهم - ولله الحمد - يتمسكون بجنسيتهم السعودية فخرهم الدائم؟! واستقبلت بلادنا في مدارسها ومعاهدها وكلياتها وجامعاتها أبناء الكثير من الدول العربية والإسلامية والصديقة دون قيود، بل فتحت أبوابها واسعة كقلبها الكبير.. وإذا كان اهتمام المملكة البالغ بالعالم ومن خلل دبلوماسية مرنة ومتعاونة لا يقوم على مجرد اختيار من بين الاختيارات بل هو اختيار إستراتيجي يستند على ارتباط على سياسة حكيمة تعتمد على حسن العلاقات بينها وبين مختلف الدول وعلى ارتباط أمنها وأمن مواطنيها واستقرارها. وهذا يؤكد لنا الفوائد العديدة المباشرة التي تحرص عليها المملكة في تدعيم علاقاتها مع دول العالم وشعوبها، فالتجارة - ولله الحمد - مفتوحة ومشرعة الأبواب على هذه الدول.. وترحيبها الدائم بالحجاج والمعتمرين وحتى الزوار من عشاق السياحة والاطلاع. لذلك تعمل بلادنا بكل جهد على تنمية وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع شعوب العالم، هذه الأواصر وتلك العلاقات لا شك أنها تعود بالفائدة على الوطن ومواطنيه، حتى تتحقق الأهداف والتطلعات المختلفة الساعية إلى قطف ثمار ذلك من خلال المردود الذي يجسد هذه الأهداف انطلاقاً من رسالتها الإسلامية والعربية والإنسانية نحو العالم وشعوبه.. هذه الرسالة العظيمة الحافلة بالمسئولية والعطاء. ولا يمكن أن ننسى أو نتناسى دور مختلف القيادات السعودية ورجال دبلوماسيتها في تعزيز هذه الرسالة والوصول بها إلى الغايات، هذا الدور العظيم الذي كان عاملاً رئيساً وحاسماً في مساندة خطها السياسي المثالي ورؤيتها الإستراتجية في مختلف قضايا العالم، وعلى الأخص السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط، وفي مجال اتخاذ القرارات والتصويت في الأمم المتحدة وفي المنظمات والمحافل الدولية المختلفة.