الثقافية - محمد المرزوقي:
في خطوة ثقافية جاءت متأخرة جدا منذ تأسيس مركز الملك فهد الثقافي، تمثلت في إقامة «ليالي الرواية السعودية» أولى البرامج الثقافية الخاصة بالمركز، التي نفذتها وزارة الثقافة والإعلام، خلال ليلتين شهدت ست جلسات، تضمنت عدة محاور، وشهادات لروائيين وروائيات.. التي رعى افتتاحها الأديب سعد البواردي، وكرّم المشاركين فيها الدكتور أحمد الضبيب، إذ جاءت هذه الليالي «الفاتحة» للمركز بعد أن ظل دوره منذ افتتاحه محصورا في استضافة الفعاليات الثقافية المحليّ منها والخارجيّ، ما جعل من الشروع في هذه الخطوة حاجة ثقافية ملحة، في ضوء ما يمتلكه المركز من إمكانات وتجهيزات تستوعب إقامة المناشط الثقافية بمفهوم الثقافة الشامل من عروض مسرحية، وأخرى مرئية، وفن تشكيلي ومعارض مصاحبة، إلى جانب طاقة المركز الاستيعابية التي تمكّنه من استضافة عدة فعاليات في وقت واحد.
جلسة «مفترق» الروايات!
شهدت ندوة «الرواية السعودية: واقعها واستشراف مستقبلها» تباينا في الآراء وصل معه حد التضارب بين المشاركين في الندوة وبين المداخلين فيها من أكاديميين وروائيين وروائيات، إذ شهدت الندوة التي جاءت الأولى مشاركة كل من: صالح زيّاد الغامدي، سلطان القحطاني، خالد الرفاعي، صالح الحسن، أحمد الدويحي، عيد الناصر، التي أدارها محمد المزيني، حيث ذكر الروائيون فيها أن موضوعي: الفقر والحرية، كانا على قائمة موضوعات روايات ما قبل التسعينيات، فيما تحولت بعد ذلك الرواية إلى فن «مدني» شهد طفرة واكبت طفرة حياة المدن في المملكة في مختلف المجالات، بوصف الرواية تستوعب كل التحولات الاجتماعية المختلفة، مع تباين اختلاف على مهمة الراوي، وحقيقية ما يكتب، وجهله بالتصنيف الأجناسي، والمدرسي لمنهجة ما يكتب.
الرواة.. لم ينجح أحد!
الدكتور خالد الرفاعي، أشعل فتيل الانقسام في الآراء، عندما وصّف مساحة الجمال الفكري والآخر الجمالي في مدونة الرواية العربية عامة، وفي المملكة خاصة، من خلال توصيف «روح الرواية» لا من حيث نعت الروايات بالجيدة أو الرديئة، عبر دائرتين هما: دائرة البدايات، ودائرة الطفرة، مؤكدا أن الروايات السعودية لم تخرج عن إطار هاتين الدائرتين، مفتقدة بذلك التجربة الفكرية، والأخرى الجمالية، واصفا دائرة الطفرة بقوله: هناك أسباب كثيرة للطفرة الروائية السعودية التي نلاحظها، واكبها نشر، ومتابعة إعلامية من الصحافة والبرامج الثقافية التلفازية، قابله شيوع اقتناء للرواية وربما قراءة لها، إلا أنها تظل عوامل خارجية عن النص الروائي، خدمت الروائيين والروائيات لكنها لم تخدم «تجاربهم» ولم تطور لديهم «الكيف» الروائي، مردفا قوله: علينا أن نسأل: لم استفحل الضعف الفكرّ والجماليّ في الرواية السعودية؟
السرد.. أول المزالق!
حذر من جانب آخر الدكتور سلطان القحطاني، ما يتوّهمه العديد من الروائيين السعوديين والروائيات، ممن ركبوا ما وصفه بـ»ركوب الموجة» في كتابة الرواية التي تجسد مدى الاستسهال في الكتابة دونما وعي بالتفريق بين من يكتب الرواية الحقيقية، وبين من يسرد مجرد حكايات لا علاقة لها بالبناء الفني والجمالي للرواية، ما أفقد الرواية السعودية الكثير من وهجها بوصفها «صناعة» أدبية تستوعب ما لا تستوعبه الفنون الأدبية الإبداعية الأخرى، مؤكدا على أن الرواية أصبحت ديوان العرب، وديوان العالم - أيضا - موضحا أن ثمة أسباب أفقدت الرواية صنعتها، ذكر منها: حيل الناشرين، طلب الشهرة السريع، النقد غير المتخصص، طلب المتلقي.
عقبات أعاقت المقروئية!
أما الروائي صالح الحسن، فقد أكد من جانبه وجود العديد مما وصفه بمعوقات «المقروئية» التي تجعل القارئ يمل من قراءتها بعد اقتنائها، أورد منها: عيوب بنائية، ضعف اللغة، ركاكة العبارات، ضعف الأسلوب، تفكك السرد، ضعف الحبكة، غياب الدلالات، استخدام تقنيات لا يمتلكها الرواة، غضب الروائيين والروائيات من النقد الجاد، اهتمام الرواة بكيل المديح لهم خاصة في وسائل الإعلام، غياب ألا وعي بحكة الزمان، اضطراب الأحداث، ضعف أفكار الروايات، ضعف حصيلة الروائيين الثقافية، السطحية وافتقاد العمق الفكري في طرح الموضوع روائيا، تدني الاهتمام بالتجارب الإنسانية، هيمنة الراوي على سرد الرواية، الميل إلى الأساليب الخطابية المتشنجة في العديد من النصوص الروائية، استخدام العامية، الترهل في طريقة السرد، الضعف في الحوار، وإهمال علامات الترقيم بوصفها لغة مساندة للغة النص.
الرواية.. والرواية السيرية
حذّر الدكتور صالح معيض الغامدي من تلقي الرواية السعودية تلقيا «سيريا»، مشيرا إلى أن هناك انعكاسات سالبة على تلقي الرواية المحلية من هذا المنظور الذي ينعكس بدوره على تلقي الرواية من حيث الإبداع، ومن الجانب النقديّ عبر هذه الرؤية السرية، مشيرا إلى أن هناك من كتب السيرة تحت أقنعة الرواية، موضحا أن هناك بونا شاسعا بين كتابة السيرة والرواية، رغم التعالق بينهما المعروف في الأدب العالمي عامة، إلا أن كتابة السيرة تظل بمثابة الرصد السردي الذي يخلو من الإبداع، والمخيال، إلى جانب ما يتطلبه البناء الروائي من جماليات فنية، موضحا أن فك «التنازع» بين السيرة والرواية يتم من خلال «التخييل» الذاتي، الذي أصبح دارجا في كتابة الرواية العالمية، بحيث يصبح الراوي في نصه ولسان حاله يقول: هذا أنا ولست بأنا!
«توصيات» ما قبل الكتابة
أكد الدكتور إبراهيم الشتوي، أن هناك عدة أمور ينبغي أن يمرّ بها كل من أراد كتابة فن أدبي، والروائي تحديدا، أورد منها: القراءة الواعية المستمرة، قراءة الكتب المتخصصة في كتابة الرواية، قراءة تجارب الروائيين وسيرهم الذاتية، قراءة الكتب التي تنظّر لفن الرواية، قراءة كتب النقد التطبيقي، أن يتم اختيار روايات تمثل نموذجا عاليا لروائيين عربيا وعالميا وقراءتها قراءة فاحصة واعية وتتبع عناصر الرواية بدقة، بداية الكتابة والبحث عن متابع لأعمال الكاتب كقارئ ومراجع، عقد ما يشبه الورش لمن يشاركه ميول الكتابة الروائية.