د. محمد عبدالله الخازم
يبدو أنّ ظاهرة (أوبر) آخذة في التمدد في كثير من المجالات، وربما يصبح مصطلح «أوبريزيشن» شائعاً في نوعية الخدمات التي تستخدم تطبيقات مماثلة ومنها القطاع الصحي، حيث بدأت وزارة الصحة مؤخراً في توفير تطعيمات الأنفلونزا الموسمية بالتعاون مع أوبر وكريم وما يشابهها من التطبيقات. ليست وزارة الصحة السعودية وحدها تستخدم مثل هذه التقنيات فهناك مثلاً تطبيق (GPDQ) ويعنى بتوفير طبيب عام تحت الطلب؛ عند الحاجة للطبيب يصلك خلال 90 دقيقة ليفحصك في المنزل ويقرر إما إعطاءك الدواء أو توجيهك لما يجب عمله. الفرق هو أنه مشروع تم تطويره كتطبيق صحي ليس معتمداً على شركات توصيل كأوبر وكريم..
طالما التقنية والخدمات الحديثة تساهم في توفير الخدمة الصحية، وتسهل على المريض الوصول إليها دون أن يبرح مكانه، فهذا أمر إيجابي، وخصوصاً إذا لم يتحول إلى مشروع ميزانيات ضخمه تذهب للشركات دون شفافية ومحاسبة كافية. لكن السؤال الذي أطرحه على وزارة الصحة، هو حول الأولويات في استخدام مثل هذه الخدمة وهي على حساب وزارة الصحة بكل تأكيد؟ هل لقاح الأنفلونزا من الأهمية الصحية والطبية بحيث يجب أن نحرص كل هذا الحرص بتقديمه لكل مواطن ومقيم في بيته، أم أنّ هناك أولويات صحية كان أو يفترض أن نستخدم مثل هذه النوعية الخدمية لتقديمها؟
بالنسبة لي أرى تطعيمات وتحصينات الأطفال أهم بكثير من أية لقاحات موسمية تدور حول جدواها أسئلة طبية. لماذا لا تستخدم وزارة الصحة تطبيق أوبر أو تطور تطبيقها المماثل لرفع نسبة تحصين الأطفال باللقاحات الضرورية؟ لماذا لا تستخدمها لتطوير بعض الخدمات للمسنين، وغير ذلك من الأولويات والضرورات الصحية؟
هناك سؤال طبي أكبر يجب فحصه، هل تقديم الخدمة بهذا الشكل في المنازل يشكل خطراً على سلامة المرضى، باعتبار المنازل ليست مهيأة بمتطلبات التطبيب والفحص، والتأكد من تكامل التاريخ المرضي للمريض والحفاظ على معايير التعقيم ومكافحة العدوى، وغير ذلك من المعايير؟ هل هناك حقيبة فحص كاملة، تحوي أدوات التعقيم والفحص الأولية، يستخدمها الممارس الطبي في هذه الحالة، أم أنه يتم تبسيط الخدمة بإعطاء اللقاح دون تلك المعايير ودون تفهُّم التاريخ المرضي الكامل للمريض، ودون توثيق الإجراءات بسجل المريض بالمستشفى والمركز الصحي؟
أما السؤال الاقتصادي فهو، هل هناك دراسات حول التكاليف والعائد منها؟ هل التكلفة النهائية لمنح اللقاح أفضل حينما يقدم بالعيادة أم عندما يقدم بطريقة (الأوبريزيشن) على طريقة (الدلفري) للوجبات السريعة؟
سؤال أخير؛ ماذا ستفعل وزارة الصحة لو بادر القطاع الخاص، أفراداً أو مؤسسات، بأي مبادرة في هذا المجال؟ هل ستدعم مثل هذا التوجه؟ هل سيحتاج تصريحاً منها؟ هل لديها تشريعات ومعايير تحكم مثل هذا العمل تعلّمتها من تجربتها، على افتراض أنها تجربة تم دراسة كافة جوانبها قبل تقديمها؟