فوزية الجار الله
ثمة سؤال يطرحه اليوم الكثير ممن ينتسبون إلى الجيل الجديد ممن تستهويهم القراءة ويودون الدخول إليها بكل ما يحملونه من لهفة واشتياق للمعرفة، يود بعضهم اختصار الطريق إليها وذلك من خلال معرفة أفضل الكتب الجديرة بالقراءة.
الحقيقة لا يوجد وصفة ثابتة من الكتب قابلة للتعميم، لكن عليك بالتفكير والتركيز على هدفك من القراءة وأي المجالات والقضايا تستهويك عندها سوف تستطيع قيادة نفسك ذاتياً إلى ما هو أفضل. وفي هذا السياق نجد سؤالاً يطرح نفسه: ما هي القاعدة التي تبني عليها اختيارك لكتاب ما؟ اسم الكاتب أم عنوان الكتاب؟
الخيار الأول بناء على اسم الكاتب يبدو هو الأفضل غالباً فالكاتب الصادق الجاد المعروف غالباً لا يخذل قارئه بل يسعى دائماً إلى كسب مزيد من القراء وإن كان ذلك يتم بصورة غير مقصودة أو مباشرة، على أساس أن الكاتب لا يقدم إنتاجه فقط في دائرة ما يطلبه القراء وإنما ما تطلبه الذائقة الراقية وما يتطلبه الحق وتستدعيه الحقيقة.. لكن اختيار الكتاب بناء على عنوانه الجذاب وحسب - وإن كان الكاتب مجهولاً - يبدو إلى حد ما محفوفاً بشيء من المخاطرة، عليك التأني والتروي قبل القراءة لكاتب جديد، غالباً تعرف مستوى الكاتب ابتداء من الصفحات الأولى لكتابه.
يرى أصحاب التجربة الطويلة في معاقرة أنواع لا تُعد ولا تُحصى من الكتب بأن هناك الكثير من الكتب المطروحة في المكتبات لكن الحياة قصيرة ولذا عليك الحرص على اختيار جيد ودقيق لذلك الكتاب الذي تمنحه وقتك واهتمامك كي لا تجد في النهاية أنك أنفقت مالاً ومجهوداً بلا جدوى.
- تحدثت مؤخراً مع إحدى السيدات من معارفي اللاتي شاءت ظروفهن وأقدارهن بأن لا ينلن حظاً من التعليم، كانت تود دعوتي إلى إحدى المناسبات لديها، حين أوضحت لها انشغالي ببعض الالتزامات وعلى رأسها القراءة، فاجأتني بنصيحة مجلجلة أصدرتها بكل ثقة هي كالتالي: أرى أن تتوقفي عن الكتابة فلم يعد أحد يقرأ في هذا الزمن..! لم تصدمني عبارتها إطلاقاً فهي تتحدث عن محيطها الضيق جداً وهي ترى الأمور من خلفيتها الثقافية الصفرية (نسبة إلى الصفر)!
ولذا لم أجبها بـ (نعم) أو (لا) فمجرد قولي «لا» يعني أن أقدم لها الأسباب التي أحتاج فيها إلى ساعات طويلة لشرح الحيثيات والمبررات بالتفصيل لأجل استيعابها من الطرف الآخر. وفي هذا المقام أود التنويه بأن الثقافة لا تعني الحصول على أعلى الدرجات والشهادات وحسب وإنما تعني الخلق الرفيع والوعي والإدراك.