سياتل - عبدالله الزهراني:
لعل من الغرابة بمكان أن المملكة، دخلت عالم النقل الجوي بولادة الخطوط الجوية العربية السعودية في عام 1945م، بينما لم يكن هناك أكثر من ثلاثمائة ميل من الطرق المعبدة كما لا يتوفر فيها سكة حديد، ورغم البدايات المتواضعة بطائرة واحدة من طراز دي سي- 3 تسلمتها المملكة كهدية، إلا أن الانطلاقة كانت قوية، ففي عام 1946م وبعد رحلة الملك عبدالعزيز بطائرة «الداكوتا» أمر - طيّب الله ثراه - بتأسيس الخطوط السعودية كإدارة تابعة لوزارة الدفاع والطيران، وفي البدايات اتخذت الخطوط السعودية الرمز (SAA) للدلالة عليها لكنه استبدل في وقت لاحق بالرمز (SDI) نظراً لتشابهه مع رمز شركة طيران جنوب إفريقيا والتي سبقت «السعودية» في استخدامه، ثم أنشئ أول مطار في منطقة الكندرة وهي الآن تعتبر وسط مدينة جدة.
تدعيم الأسطول
وتولى بعد ذلك شراء المزيد من الطائرات والتي زادتها إلى 15 طائرة من نفس النوع حتى عام 1949م، حيث تم تدعيم الأسطول بخمس طائرات من طراز بريستول 170، كما تم في نفس التاريخ تسيير أولى الرحلات المنتظمة بين الرياض وجدة والظهران والطائف.. وخلال فترة وجيزة ومع رفد الأسطول بمزيد من الطائرات، تمكنت شركة الطيران الفتية من تغيير نمط الحياة في المملكة بأسرها وغدت الرحلة التي كانت تستغرق أشهراً على البعير تتم في بضع ساعات، كما كانت آنذاك مرافق الخدمات الأرضية في المطارات بسيطة للغاية، فلم يكن المطار سوى شريط ممهد من الأرض في الصحراء، لكن ذلك لم يوقف مسيرة الخير فانتظمت الرحلات الجوية لتشمل أولا المدن الرئيسية في المنطقة الوسطة والغربية والشرقية ثم إلى المناطق الجنوبية الغربية فالمناطق الشمالية ومنها الانطلاقة إلى العالم الخارجي.
اختصار المسافات
في أواسط الخمسينات أصبحت المملكة تمتلك مؤسسة طيران تربط كافة مناطقها المتباعدة وتختصر المسافات، كما تم تسيير الرحلات الجوية إلى البلدان المجاورة، وفي عام 1952م تم شراء خمس طائرات من طراز دي سي -4، ولأن جميع الطائرات لم تكن مكيفة ونظراً للحاجة إلى ذلك خصوصاً في أشهر الصيف الحارة فقد وقع الاختيار على طائرة الكونفير 340 ذات المحركين والمكيفة وتم شراء 10 طائرات منها أدخلت في الخدمة ما بين عامي 1954م و1955م.
الرغبة والمنافسة
بحلول عقد الستينيات الميلادية من القرن المنصرم ومع تنامي قدرات «السعودية» وطموحاتها ورغبتها في المنافسة، قامت في عام 1962م بشراء طائرتين من طراز بوينج 720 ذات المحركات الأربعة النفاثة وبدخولها الخدمة الفعلية توسعت آفات وطموحات الناقلة الوطنية، وفي عام 1968م واصلت «السعودية» مشوارها للصعود إلى القمة بزخم كبير، حيث تسلّمت طائرتين بوينج من طراز 707 والتي لم يسبق استخدامها في الشرق الأوسط، بعد ذلك التاريخ توالى وصول الطائرات من عدة طرازات منها 737 و747 وإيرباص 300 وخلال العقد الأخير بوينج 777-200 وام دي 90 وامبرير 170 وإيرباص 330 و320 و321 وخلال العام الماضي تسلَّمت طائراتها الجديدة من طراز بوينج 777-300 و787-9 دريملاينر وأخيراً ايرباص 330 الإقليمية، كما توسعت شبكة الرحلات الداخلية لتشمل 27 مطاراً ودولية تصل إلى 50 محطة في 4 قارات حول العالم.
آخر الاحصاءات
وتشير آخر الإحصاءات إلى أن طائرات الخطوط السعودية نقلت المواطنين والمسافرين عبر شبكة رحلاتها للعام الماضي 2015 بما مجموعه 30 مليون مسافر أي ما يقارب عدد سكان المملكة، الأمر الذي يجسد حجم دور الناقل الوطني ويعكس أهمية ما يقوم به من مساهمة من خلال ربط أرجاء الوطن والتشغيل إلى مختلف أنحاء العالم ونقل الحجاج والمعتمرين من أنحاء الدنيا إلى أرض الحرمين الشريفين.
أحدث طائرة
وعندما ننظر إلى «السعودية» اليوم، نجد أن عدد أسطولها تنامي حتى وصل إلى 126 طائرة من أحدث ما أنتجته مصانع شركات الطيران العالمية وأكثرها كفاءة وأحدثها عمراً، و«السعودية» على موعد قريب مع حدث تاريخي، حيث سيشهد مقر شركة بوينج لصناعة الطائرات المدنية بمدينة سياتل بالولايات المتحدة الأمريكية يوم بعد غد الأربعاء 9 صفر 1438هـ الموافق 9 نوفمبر 2016م استلام الخطوط السعودية لأولى من طراز بوينج (B777-300ER) المزودة بالأجنحة الجديدة والفخمة للدرجة الأولى.
ثمار «التحول»
باستلام الطائرة المزوّدة بالأجنحة الفاخرة تقطف «السعودية» الثمرة الثانية في برنامج «التحوّل 2020» الذي تبنته لتطوير وتجويد خدماتها والتي سبقها استلامها لطلائع طائرتها من طراز إيرباص 330 الإقليمية قبل بضعة أشهر، لقد كانت الرسالة واضحة بأن تخطيط الإدارة الحالية للخطوط السعودية ينطوي على رغبة وتصميم جاد في أن يعود ناقلنا الوطني إلى موقعه ومكانته في مقدمة شركات الطيران العالمية، ذلك لأنه بدون التجويد والتحسين المستمرين لا يمكن لشركات الطيران التفوق والاحتفاظ بمركزها والصمود في هذا الميدان الذي تحتدم فيه المنافسة وتزداد صعوبة يوماً بعد يوم.
استرخاء وخصوصية
أحدث طائرات «السعودية» المزوّدة بالأجنحة تحتوي على (12) جناحاً مميزاً، يحتوي كل منها على مقعدٍ إلكتروني يمكن تعديله إلى مقعد استرخاء منبسط ووثير ومريح، وكذلك سرير مسطح بالكامل كفيل بأن يساعد على النوم حتى بالنسبة للذين يتعذر عليهم النوم أثناء الطيران، كما أن للجناح أبواب منزلقة لإضفاء مساحة من الخصوصية التامة، ويتضمن شاشة HD عريضة (24 بوصة) للاستمتاع بالمحتوى الترفيهي طوال الرحلة، إلى جانب طاولة كبيرة لتناول الطعام لخدمة ضيفَين، ولوح إلكتروني يعمل باللمس يتيح التحكم الكامل في المقعد، والجناح مزوّد بنظام إنارة مرن، بالإضافة إلى مساحات خاصة لتخزين الأغراض الشخصية، فضلاً عن ساتر الخصوصية المصمم بطراز عربي فريد.
الموعد يتجدد
وإذا كانت الخطوط السعودية وشركة (بوينج) ستحتفلان يوم الأربعاء المقبل بمناسبة تسليم الطائرة الأولى من طراز بوينج 777 المزوّد بالأجنحة الفندقية الفخمة في مقر الشركة في مدينة سياتل الأمريكية بحضور عدد من المهتمين بصناعة النقل الجوي ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية وفي مقدمتهم «الجزيرة» التي وجهت لها الدعوة لتغطية الحدث، فإن الناقل الوطني يدرك تماماً بأن الموعد مع التطوير يتجدد دوماً مع ضيوفه، لذا لا بد من الحرص على تقديم أرقى الخدمات وتكريس الجهود لمواكبة التطلعات وخاصة مع نهاية برنامج التحول في عام 2020م.. وما أسرع ما يمر الزمن.