«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
تناقلت وكالات الأخبار العالمية مؤخرًا خبرًا يشير إلى قيام الممثلة الأميركية سكارليت جوهانسن وزوجها رومين دورياك افتتاح محل لبيع الفشار بنكهات مختلفة في باريس، ومن المتوقع إذا نجحت الفكرة أن تفتتح فروعاً أخرى في مختلف أنحاء العالم، وعندما قرأت الخبر مثل غيري عادت بي الذاكرة لأول مرة أشاهد فيها «الفشار».. فلقد أحضر والدي معه كعادته كلما عاد من عمله في الظهران بعض المأكولات الفريدة واللذيذة التي كانت لا تباع أيامها إلا في «كانتين» الشركة، المهم سعدت مع أشقائي بتناول النفيش، بل إن شقيقتي الكبرى -رحمها الله- كانت تردد: «أبوي.. أبوي كل ماتجي لا تنسى تجيب لنا فشار جعلك تعيش..» فكان يبتسم في سعادة ويوعدها خيراً.. ومرت الأيام وصارت شقيقتي تتميز بين فتيات الأسرة في عمل الفشار وتقوم بذلك بين فترة وأخرى لتفاجئ الجميع ونحن نتابع سهرة الليلة عبر تلفزيون الظهران خصوصاً ليلة الجمعة حيث تكون السهرة عادة منوعة ويطيب فيها تناول المأكولات الخفيفة.. وهذا الفشار الذي بات يدر المليارات على منتجيه أصحاب المزارع وحقول الذرة الواسعة في الدول التي تشتهر بزراعتها بل إن نسبة كبيرة من هذه المزارع وتلك الحقول تعود ملكيتها لشركات إنتاج «الفشار» والفشار حسب المعلومات الزراعية هو نوع من حبوب الذرة التي تتوسع نواتها عند التسخين مع إحداث أصوات محببة لمن يقـوم بإعدادها وتسخينها.. ولقد عثر علماء الآثار على حبوب الذرة في المكسيك من آلاف السنين، ولقد وجدت بقايا من الفشار حسب المعلومات التاريخية الموثقة يعود تاريخها إلى حوالي 6100 قبل الميلاد. بل راح البعض من المؤرخين يعتبرون أن الفشار هو الذرة الأولى التي عرفها البشر.. وأشار المؤرخون إلى أن حبات الذرة التي تتفرقع بطرق بدائية اكتشفت في القرن الـ19 في الساحل الشرقي الأمريكي.. وكان الفشار أيامها يباع تحت أسماء لطيفة ومثيرة مثل (لآلئ) وكان الفشار في البدايات وقبل أن توجد الأجهزة الحديثة والمتطورة، يباع من خلال عربات جوالة وفي حوانيت ومطاعم معروفة. لكن تضاعف الطلب عليه مع انتشار المسارح ودور السينما، حيث يطيب لعشاق المسرح والأفلام الاستمتاع بتناول الفشار وهم يشاهدون العروض.. لذلك نجد عند مداخل قاعات العرض كاونترات تبيع أنواعا مختلفة من الفشار وبنكهات متعددة حسب الذوق والرغبة. ومع ابتكار أجهزة خاصة لإنتاج الفشار بات منتشراً في كل مكان. وكانت أول آلة لعمل الفشاممكن وضعها في عربة جوالة تم اختراعها عام 1880م من السيد تشارلز صانع الفشار الشهير في ذلك الوقت، وكان مشهوراً بأنه صاحب متجر للحلويات في شيكاغو.. وبات الفشار من المأكولات الخفيفة والمطلوبة في مختلف دول العالم، بل إنه أصبح مصدر رزق ودخل للملايين من الناس، ولو تجولت في أشهر مدن العالم فسوف تجد عربات الفشار تقدمه لك ساخناً، بل تشاهده خلال عملية إعداده السريعة!
وفي السنوات الأخيرة راح أصحاب إنتاج «الفشار» يتفننون في تقديمه بأشكال وأنواع مختلفة من خلال تلوينه أو إضافة العسل إليه أو مواد سكرية خاصة بل هناك أنواع مختلفة منه خاصة للكبار والصغار ومن يعاني من أمراض الضغط والسكر. وصار يقدم في عبوات كرتونية، وأكياس سلوفان بهية للنظر، وفاتحة للشهية، فكم طفل سحب يد والدته أو والده ليشتري له نفيش عليه صورة كارتونية شهيرة..!!