«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
عندما تقترب من مدينة نيويورك وقبل نزولك لمطار جون كنيدي الشهير لابد أنك سوف تشاهد إذا كنت بجوار النافذة تمثال «سيدة الحرية» الأشهر شامخاً وساميا وهي ممسكة بشعلة الحرية.. وكان هذا المشهد هو أول مشهد كانت تشاهده عيون الملايين من المهاجرين الذين قدموا إلى أمريكا خلال العقود الأولى للهجرة إليها. وشخصيا شاهدت أكثر من فيلم صور الهجرات الأولى وذكريات بعض المهاجرين الأوائل وعدم نسيانهم لهذا التمثال المدهش.. بل كتبت العديد من المذكرات والكتب التي تروي حكاية هجرتهم ومعاناتهم والتحديات التي واجهوها في حياتهم والزائر إلى أمريكا أكان طالبا أم سائحا أم حتى جاء في مهمة عمل يحرص كل واحد منهم على التردد على جزيرة الحرية والتي تقع في خليج نيويورك حيث يبعد مسافة 600 متر عن مدينة جيرسي بولاية نيوجيرسي و2.5 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من مانهاتن. بمساحة إجمالية تقدر بـ 49,000 متر مربع. والتمثال هو عمل فني نحتي قامت فرنسا بإهدائه إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 28 أكتوبر عام 1886 كهدية تذكارية بهدف توثيق عرى الصداقة بين البلدين بمناسبة الذكرى المئوية للثورة الأمريكية (1775-1783). ويرمز إلى سيدة تحررت من قيود الاستبداد-التي ألقيت عند إحدى قدميها. تمسك هذه السيدة في يدها اليمنى مشعلا يرمز إلى الحرية بينما تحمل في يدها اليسرى كتابا نقش عليه بأحرف رومانية جملة «4 يوليو 1776»م وهو تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي. أما على رأسها فهي ترتدي تاجا مكونا من 7 أسنة تمثل أشعة ترمز إلى البحار السبع أو القارات السبع الموجودة في العالم وحسب ماتشير إليه المصادر فلقد شارك في تكلفة التمثال أكثر من مائة ألف مواطن فرنسي من كلا الجنسين بمن فيهم الأطفال حيث تبرعوا بمصروفهم اليومي من أجل ذلك من عمل النحات بارتولدي وكان قد استوحى وجه والدته لتكون نموذجا لوجه التمثال وقام بعمل الهيكل المعدني غوستاف ايفل. وخلال هذه الأيام من هذا العام 2016م يكون قد مضى على إنشاء تمثال «سيدة الحرية» 130عاما. ومن الأشياء الجديرة بالإشارة أن تكلفة عمل قاعدة التمثال كان خلفها رجل إعلام وصحفي شهير أيامها جوزف بوليتزر حيث استنفر الناس للمساهمة في كلفة القاعدة بمبالغ زهيدة جدا وأثار في نفوسهم الحمية كونهم سوف يواجهون العار من قبل الفرنسيين الذين تبرعوا من أجل التمثال وتكلفته وحتى شحنه من فرنسا لأمريكا..؟! وللوصول إلى جزيرة الحرية موقع التثال الشهير. هناك عبارات خاصة أشبه بالتاكسي البحري. أو عبر طائرات الهوليوكبتر لمن لديه القدرة على دفع تكاليفها.. كانت أمواج السياح التي تتقاطر على الجزيرة تنافس أمواج البحر. لكن المنافسة الحقيقية هي أن تستفيد من وجودك في هذه الجزيرة وتمثالها الذي يستقطب الملايين من الزوار القادمين إليها من مختلف دول العالم.. وعندما تتجول في ساحة التمثال التي تتوفر فيها مختلف الخدمات والمرافق لاتسمع إلا أصوات الإعجاب المختلطة بأصوات الكاميرات التي توثق لحظات الزيارة التي تعتبر عند كل زائر لها لحظات فريدة ومدهشة.. ومن ضمن الخدمات التي لا يمكن إلا أن تستفيد منها هي محلات الهدايا والتذكارات التي تجعلك أنت وغيرك لاتترددون في شراء بعض من هذه التذكارات وتلك الهدايا التي تصور العديد من الجوانب عن «سيدة الحرية» والتي تأخذ كعادة الأمريكان في توثيق كل شيء له علاقة بالمكان ومافيه من جماليات أو تاريخ.. أكان ذلك من خلال التحف والمصغرات من المنحوتات أو الصور والمجسمات وحتى الكتب والبروشورات العديدة. والمفيدة..؟!