د. عبدالواحد الحميد
اعتبر أن ما نُقل عن وزير التعليم حينما كان في مجلس الشورى منتصف الأسبوع الماضي بشرى جيدة، فهو يتحدث عن منح الجامعات استقلالية في بعض شؤونها عن الوزارة. لكن البشرى، رغم أهميتها، تظل منقوصة إذا كان الحديث هو فقط عن استقلالية في الصلاحيات المتعلقة بإدارة مواردها البشرية والمالية بالمعنى البيروقراطي السائد كما قد يُفْهَم من الكلام المنشور في الصحف.
استقلالية الجامعات مطلب قديم، والمقصود هو أن يكون للجامعات مساحة واسعة من الحركة في الجوانب الأكاديمية وفي الأنشطة الطلابية وفي التنظيمات الإدارية على مستوى الأقسام والكليات والجامعة.
فعلى مدى فترة طويلة من الزمن ذابت الشخصيات المستقلة للجامعات، وتحولت بمقتضى الممارسة المركزية لوزارة التعليم العالي سابقاً إلى ما صار يعرف بـ»ثانويات كبيرة».
وكان أساتذة الجامعات يُصَرِّحون في كل مناسبة أنه ليس من المعقول أن تتعامل وزارة التعليم العالي مع الجامعات كما لو أنها فروعٌ إدارية لإدارات حكومية تقليدية على غرار فروع الوزارات التي تقدم خدمات معاشية عادية للمواطنين والمقيمين.
قد تكون الأمور تغيرت بدرجةٍ ما، وخاصة بعد القفزة الكبيرة التي حققها قطاع التعليم العالي الحكومي والأهلي خلال السنوات العشر الماضية تقريباً، ولكن علينا أن نتذكر أن بعض الجامعات السعودية كانت في الستينيات الميلادية من القرن الماضي تتمتع باستقلالية أكبر في الجوانب الأكاديمية والنشاطات الطلابية والتنظيمات الإدارية.. ولهذا فإن المطلوب من وزارة التعليم حالياً هو تطوير جذري لواقع الجامعات السعودية.
ما نقلته الصحافة المحلية عن وزير التعليم في حديثه لأعضاء بعض اللجان في مجلس الشورى عن التوجه لتطوير الجامعات ومنحها الاستقلالية والصلاحية في إدارة مواردها البشرية والمالية هو تطور مهم ولا نستغربه من الدكتور أحمد العيسى سواء كمؤلف لكتابين مهمين عن التعليم، أحدهما عن التعليم العالي تحديداً، أو أثناء ممارسته العمل كمدير لجامعة اليمامة الأهلية في الرياض.. لكن هذا التطور لا يكتمل إلا بتطـــوير جوهري يمس الحياة الأكاديمية والأنشـــطة الطلابية والتنظيمات الإدارية داخل الأقسام والكليات والجامعات، وهذا ما ننتظره من معاليه.