فيصل أكرم
فهنا ستُحذفُ من قراءتيَ الأخيرةِ نقطةٌ موضوعةٌ
وأنا أجيدُ البوحَ، لم أغلق مساماً في عروقيَ
كي يشعَّ إلى اندلاعٍ في قرارتهِ القرارُ
كلُّ شمسٍ في مغاربها احمرارُ
وأنا كَفِلْتُ الملحَ تحتَ الجَفنِ قَبْلاً
كنتُ مثلَ الجمرِ فوقَ الحبرِ
لم أتلبَّس الأجراسَ من كلّ الكهوفِ
كما يجيدُ المسرفونَ مع البراءةِ والترفْ
قد كنتُ كسراً في ضلوع المنعطفْ
وأنا هنا، في كلّ آنٍ كانَ، كنتُ كما أكونُ الآنَ
أخترقُ الغمامَ، إذا يعاندني الظلامُ
ولا أميلُ إذا ارتجفْ
فلن أكونَ كمن إلى كلّ المرايا
يستميلونَ التصاويرَ التي
سقطتْ من السقفِ الأخيرِ.. إلى الغُرَفْ
هم رهنُ خيلٍ في رباطٍ، كلما يجتاحُ ليلٌ صفحةً متروكةً بينَ الفوانيسِ التي انكشفتْ على كلّ الفراشاتِ الطليقةِ في الضياءِ؛ إذا تفرُّ رصاصةٌ سوداءُ
تتبعها يدٌ
يبْيَضُّ فيها كلُّ ما انبَسَطَتْ إليهِ، وصافحتْهُ عونُنا
أهلٌ هُنا
شرفاءُ،
يعرفهم نداءُ الرّوحِ في وقتِ الشهادةِ:
واحدٌ ضحّى بعكّازٍ لديهِ
وواحدٌ يأتي بما بينَ الفؤادِ ومقلتيهِ
ونازلٌ للماءِ وجهٌ يغسلُ الأحزانَ يوماً بعدَ يومٍ
لا يكفُّ عن الركوع، عن السجودِ، هي الفرادةُ في إرادتهِ تفانتْ
في انتزاعِ الساعدينِ من القيودِ..
غدٌ سيأتي اليومَ في كلّ الأماكنِ
مثلما أتتِ التواريخُ التي ندري بها
فلكلّ برقٍ بعدما يمضي رعودْ
ولكلّ نافذةٍ مساحتها التي خرجتْ على الطرقاتِ تجتذبُ السلالمَ
ثم تنثرها طريقاً للذينَ سيصعدونَ إلى الخلودْ
هذا هو المطرُ الذي تحتاجهُ الصحراءْ
هذا هو السَّفَرُ الذي ردَّ الوريدَ إلى الدماءْ
هذا هو الوَتَرُ الذي انسحبتْ خيوطٌ منه قد لُفَّتْ على جَسَدِ الوليدْ
لُفَّتْ على جَسَدِ الشهيدةِ والشهيدْ
وعلى الذين توسَّعتْ فيهم جيوبُ النارِ، تعرفهم يداكْ
وعيونهم، لو كنتَ لم ترها.. تراكْ
أنتَ الذي انفلتتْ خطوطُ يديهِ في أعلى غصونٍ
يستريحُ على مِظَلَّتِها حصانٌ خاسرٌ
عادتْ له ثِقَةٌ.. فعادَ إلى السَّبَقْ
يجري كما تجري مياهٌ في محيطٍ كانَ يبعثُ موجَهُ حتى الشَّفَقْ
وإذا ينامُ بوقفةٍ عجلى، فليسَ لنومهِ إلاّ الأرقْ
فهناكَ ألفُ قضيّةٍ.. كنا سنكتبها إليكْ
وهناكَ ألفُ ضحيّةٍ.. كنا سنتركها لديكَ، لكي نراقبَ
كيفَ يعلو الدربُ من قدميكَ؛ تنفتحُ الدروبُ إلى قلوبٍ تحترقْ
أخذتْ ملامِحُها التقاسيمَ التي رُسِمَتْ بماءِ الشمسِ، تسحبها العيونُ.. من العيونِ.. إلى العيونِ ستنطَلِقْ
أنتَ الذي جرَّبتُ فيهِ القلبَ في قلبِ الذينَ إذا خسرناهُمْ
تمنّينا سحاباً.. سوفَ تقطِفُهُ يداهُمْ
من ثقوبِ الرّملِ يطلعُ بعضُهُم، والبعضُ يطلعُ من يدينِ عظيمتينِ، ولا سِواهُمْ
يستحقُّ بأنْ يُترجمَ سيرةً أخذتْ مسيرتها العزيزةَ
في مكاشفةٍ تأنّى بعضُ من شُغِلوا بها
قالوا: لأنّا لا نريدُ الموتَ من أسبابها
فهناكَ عُمْرٌ لا يُعَوِّلُ في الحياةِ على السُّباتْ
وهناكَ عذرٌ يستمدُّ من المساومةِ الثَّباتْ
من ذا يراهنُ بالذي فُتناهُ في أمسٍ.. وفاتْ؟
سنقولُ: ما قدْ عاشَ فينا،
قدْ أماتَ الصمتَ فينا.. ثمَّ ماتْ.
... ... ...
أكتوبر 2016
* صياغة عكسية لقصيدة عنوانها (القصيدة الأولى) ضمن ديوان (الصوت.. الشارع) 2001م