د.عبدالله الغذامي
في دراسة نشرتها مجلة (لوس أنجلوس بوك ريفيو) في نوفمبر 2015 كشفت أن أشد المعجبين بإدوارد سنودن هم طلبة وطالبات الكليات الأمريكية، وظل اسم سنودن يؤرق المؤسسة الرسمية في أمريكا بما إنه أفشى أسرار الحكومة ثم فر لروسيا ليواصل أذيته لبلده الأم، وفي هذه معان من الخيانة الوطنية بما إن الأسرار تؤذي الحكومة الأمريكية وتهدد مصالحها مع العالم وتكشف حركاتها في سياساتها الخارجية،وكذلك لها معان أخر أخلاقية ومهنية من حيث إنها إخلال بالأمانة المسندة له، كما إنها سلوكيا كمن يفشي سر رفاقه أو أهل بيته،ومن هنا سيكون التصرف مدانا بالقانون وبالأخلاقيات،وهنا يأتي السؤال عن سر إعجاب الطلبة به، ولا بد أنه إعجاب مرحلي يتفق مع مرحلتهم الثقافية وهي مرحلة اليفاعة التي تميل لحس المغامرة ويثيرها البطل الهوليوودي المتمرد على المؤسسة والمتحدي لأعتى قوة في العالم بكل ما تملكه من سلطات وقدرات ومهارات حيث خرج عليها فرد بسيط وهز عرشها، وهذه صورة يطرب لها الخيال المغامر والفتي، وعمر طلبة الكليات هو عمر مثل هذه الأفكار والخيالات ولذا ليس غريبا أن يثير اسمه إعجابهم، ولكن هذا الإعجاب سيتقلص مع الزمن،وكلما دخل أي من هؤلاء الطلبة إلى مراحل المسؤولية فسيكون له (لها) رأي آخر وهؤلاء طلبة كليات أن أنهم من فئة المحامين والأطباء والاقتصاديين وربما البرلمانيين وقد يطمح بعضهم في تولي مناصب عليا في المؤسسة،وكلما صار المرء في جو المؤسسة أدرك أن أخلاقيات المهنة أخطر من المهنة نفسها، وسيلتفت الواحد منهم إلى الوراء برومانسية ليتحدث عن أحلام المراهقة ووردياتها التي ستتحول عنده إلى طرفة ثقافية، وهكذا هي المؤسسة حين تربي رجالها مثلما تربي خيالها المضاد في الوقت ذاته.