أثبتت العديد من التجارب والشواهد، أن الوعي والثقافة سببان مهمان في تقدم المجتمع ورقيه، ودلالة واضحة على تحضّر أبناءه وتميزهم، في شتى المجالات، منها على سبيل المثال: الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، مما يعطي صورة حسنة للمجتمع بشكل خاص، ويبرز هوية الوطن بشكل عام، كما يعتبران عنصراً هاماً في إجراءات حفظ الأمن واستقراره، وتماسك أبناءه، ولا تجعلهم عرضة لاستغلالهم من قبل الأعداء والمتربصين، كما يسهم أيضاً في حفظ مقدرات الوطن ومكتسباته ومنشآته من أيدِ العابثين.
وتجدر الإشارة إلى أنه يجب أن تسبق إجراءات تطبيق النظام، إجراءات نظامية أخرى، تتمثل في تثقيف المجتمع ورفع درجة وعيه، أمنياً واجتماعياً واقتصادياً، لأنه بلا شك يختصر عملية التطبيق، مما يحد أيضاً من الآثار السلبية المترتبة عليها دون حصر، فمن الناحية الأمنية، يسهم التثقيف في تحصين أبنائنا ضد استغلالهم من قبل الأعداء وذلك من خلال تمرير أفكارهم الهدامة التي تهدف إلى زعزعة الأمن، وتمزيق وحدة الصف، وإثارة الفوضى، ونشر الفساد، فمن كان على اطلاع بشكل منتظم، وعلى علم بالأحداث الجارية، وما هو الهدف منها، يصعب حقيقة استغلاله، وسيكون جاهزاً للتصدي لها. أما من الناحية الاجتماعية، حيث سيسهم التثقيف في تقويم وتوضيح بعض السلوكيات الخاطئة المتمثلة في تجاوز الأشخاص المنتظرين إلى دورهم في صفوف الانتظار، وأخذ مكانهم دون الأخذ بالاعتبار أو التقدير، باعتبار أنه حق مشروع، وأيضاً من السلوكيات الخاطئة هي الإسراف والتبذير في النعم، من مبدأ الاهتمام في الكمية، وإهمال الحاجة لها، وهذا مما حذرنا منه سبحانه وتعالى، ورسوله الكريم، على ضرورة المحافظة على النعم. كما سيسهم التثقيف من الناحية الاقتصادية في تقويم السلوكيات الخاطئة المتمثلة في إتلاف الممتلكات الحكومية وتشويهها، من حدائق عامة، ودورات المياه في المساجد، وساحات البلدية، وألعاب الأطفال في الحدائق، بالإضافة إلى رمي المخلفات في أماكن جلوسهم، وما نراه أيضاً في الطرقات، من خلال عدم التقيد في أنظمة المرور، وعدم إعطاء الطريق حقه، وهذا مما قد يسبب في العديد من الحوادث المرورية، وخسارة الكثير من الأرواح البشرية، وهدر في الموارد الاقتصادية، واستنزاف للمال العام.
ولمعالجة هذه المشاكل، يجب أن يتزامن تطبيق عملية التثقيف العام مع عملية التعليم في المدارس، باعتبارها جزء لا يتجزأ من عملية التعليم، وذلك من خلال إدراج منهج التثقيف العام ضمن المقررات الدراسية، بدءا من السنين الدراسية الأولى، وانتهاء بالثانوية العامة، وأيضا ضرورة إلزام الطلبة على الوقوف بانتظام، أمام المقاصف المدرسية، واحترام الصف، وأن يحث أيضاً أئمة المساجد في خطبهم على ضرورة تثقيف المجتمع، ونشر الوعي، والحد من السلوكيات الخاطئة، وهذا كفيل بإذن الله في بناء جيل مثقف وواعي ومتميز، لمجتمع متحضّر.
- باحث في الشؤون الاجتماعية