أخذ الوكيل أجرة من ثمن السلعة
* يعطيني الزملاء سياراتهم لأبيعها فأخصم من قيمتها مبلغًا كسعي لي، مع العلم أنه يوافق على البيع بالسعر المخصوم منه السعي، وإذا أعطوني عند تسليمهم المبلغ أرفضه، فما الحكم؟
- لا شك أن من كُلف ببيع سلعة أو بأي عمل فيه جهد وتعب أنه له أجرة، ويسمونه سعيًا؛ لأن السائل قال: (كسعي لي)، وهي الأجرة والسمسرة، فله في هذه الحالة أجرة المثل، لكن عليه أن يُفهم صاحب السلعة أنه أخذ أجرته، فلا يَمنّ عليه أنه تطوّع وتبرّع وباع له من غير مقابل، ولذلك في آخر سؤاله يقول: (وإذا أعطوني عند تسليمهم المبلغ أرفضه)، لا يكفي أن ترفضه فقط، بل عليك أن تقول: (أخذت سعيي -أجرتي-)؛ لئلا تبقى منة عليه وأنت قد أخذت من قيمة السيارة أجرتك كاملة، وإذا كان العرف قد جرى أن الأجرة والسعي يؤخذ من المشتري فأنت لا يجوز لك أن تأخذ من قيمة السلعة، بل عليك أن تسلمها صاحبها كاملة، وتأخذ من المشتري، اللهم إلا إذا كان البيع على ما يقولون: صافٍ أو غير صافٍ. فالناس على ما يتفقون عليه، لكن يبقى ألا تكون لك منّة على صاحب السيارة وأنت تأخذ أجرتك كاملة، لا تُفهمه بذلك، إنما إذا قال لك: (خذ سعيك)، قل: (أخذته)؛ لأنه قال: (وإذا أعطوني عند تسليمهم المبلغ أرفضه) ترفضه؟ كأنك محسن إليه! لا، لا بد أن تبلغه أنك أخذت سعيك، وإلا فالأصل أن السعي حلال ما فيه إشكال، وهو أجرة المثل.
وإذا اتفقا أن يبيع السلعة بكذا وله ما زاد، فجمهور أهل العلم لا يصححون مثل هذا؛ لأنها أجرة بمجهول، وثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه يصحح مثل هذا، والمسلمون على شروطهم، لكن عامة أهل العلم لا يصححون مثل هذا؛ لأن الأجرة مجهولة، فالأولى أن يكون كل شيء معروفًا، وأنت افترض مثلاً أنه قال: بع هذه السيارة، أو بع هذه السلعة بألف، ثم باعها بألفين، هل يرضى صاحب السلعة أن يأخذ نصف الثمن؟! سيحدث هناك مشاكل وقد حدث بالفعل، يقول: بعها بكذا ولك الزائد، وصاحبها ما يعرف أنها تستحق هذا الثمن، المقصود أن حجة الجمهور أن الأجرة مجهولة، وأحيانًا تفضي إلى نزاع وخصام، وما يؤدي إلى الخصام والنزاع لا شك أن الشرع يمنعه، فابن عباس-رضي الله عنهما- يقول: هذا شرط بينهما واتفقا عليه والمسلمون على شروطهم، وله وجه، لكن المتجه في هذه المسألة قول الجمهور إنه ليس له إلا أجرة المثل.
يجيب عنها: معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء