«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
بالأمس كتبت (إطلالة) عن مشبك الورق. واليوم أكتب هذه الإطلالة عن شقيقه «الأستاذ دبوس». ولماذا الأستاذ دبوس؟ لأني ما زلت أذكر تلك الفكاهة الباسمة التي قرأتها يوماً ما في مجلة «سندباد»، والتي تقول:
الأستاذ للطلاب: تعرفون الأستاذ دبوس؟ فرد الجميع: لا يا أستاذ! فرد باسماً: أنا الأستاذ دبوس. لكن دون وخز..! فضحك من ضحك وابتسم من ابتسم! عندها قال الأستاذ أنا: الأستاذ شديد دبوس! وتصورت بعدما ابتسمت وأنا اقرأ هذه الفكاهة أن جميع طلابه هابوه من أول لحظة دخل عليهم الفصل. فهو شديد ودبوس..! وكان في مدينتي المبرز رجل فتوة يهابه كل الفتيان لجسارته وقوة بأسه، وكان يعرف «بالدبوس»، وله حكايا ت طريفة تروى - رحمه الله -.. وبحكم عملي كموظف، فأنا أتعامل يومياً مع الأستاذ دبوس من خلال الحاجة إليه. فكم ورقة ثبتها بورقة أخرى من خلال «الدبوس»، لكن كيف عرف الإنسان هذا الدبوس الواخز. والذي يعد أداة مهمة رغم بساطته ورخص سعره. فالجميع يحتاجون إليه، الموظف، والخياط، والطالب، وحتى المعلم.. الخ، وهو عبارة عن جزء من سلك، دقيق ومشحوذ من جانب وفي الجانب الآخر رأس.. وبصورة عامة يشبه وبحسب ما تشير إليه الانسكلوبيديا العالمية المسامير، لكنه بحجم أصغر جداً لا يتجاوز الـ 2سم، وهناك مقاسات أصغر وحتى أكبر بحسب حاجة وطبيعة عمل البعض. فالدبابيس التي يحتاجها الخياط غير التي يحتاجها الموظف، أو ربة البيت، أو حتى المصمم، أو عامل الديكور، بل انتجت دبابيس باحجام كبيرة جداً. وأشهرالدبابيس هي دبابيس الورق، والخياطة ودبابيس الأمان. وعادة ما تصنع الدبابيس من النحاس أو الفولاذ والنيكل، وهناك أنواع صنعت من مزيج معدني والذي عادة ما تلتقطه أحجار المغناطيس.. ووجود النيكل في عملية التصنيع يبعد عنها ظاهرة الصدأ. والمعروف أن الدبابيس عرفها الإنسان من قبل 4 آلاف سنة، ووجدت بعض الدبابيس في ملابس عثر عليها في مدافن قديمة في الصين والسومريين والمصريين. وكانت تستعمل لتثبيت الملابس.. ومع التطور في صناعة وإنتاج الدبابيس بدأت الشركات تنتج دبابيس خاصة لأعمال التصميم والديكور وحتى للأعمال الهندسية والتوضيحية.. وزحفت الألوان في العهود الأخيرة فصارت تحمل الدبابيس رؤوساً مختلفة الاحجام والأشكال..ملونة.. كبيرة ومتوسطة وصغيرة. تضفي على العمل الذي تستخدم فيه جاذبية لافتة! وتتعدد استعمالات الدبابيس لمختلف المجالات الحياتية وكثيراً ما تستفيد النساء والفتيات منها في تثبيت بكولات الشعر أو لتثبيت بعض اكسسوارات التي تستعملها الواحدة منهن..؟!
هذا، ورغم الفائدة الكبيرة للدبابيس فهي أحياناًً وبسبب الإهمال تتسبب في وقوع حوادث بعضها يكون مميتاً.. فجميع مستشفيات العالم تشهد بين فترة وأخرى وصول حالة إسعافية نتيجة لتعرض أحد الأطفال لابتلاع دبوس. أو سيدة كانت تخيط ملابس وكانت تضع في فمها دبابيس لحفظها، فاذا بها تبتلع عدداً منها.. أو أحد كبار السن داس على دبوس كان مغروساً في سجادة فدخل في قدمه.. واحتاج لعملية جراحية دقيقة لإخراجه. وكم دبوس تسبب في التهاب قدم إنسان ومع الأيام التهب وشكل خطورة كبيرة وعلى الأخص مرضى السكري!... وكم من فتاة وخلال لحظة غفلة ابتلعت دبوساً خلال ثوانٍ. وهذه حكاية طفل كان يعاني من آلام مبرحة ومعاناة والآن استمرت لمدة ثلاثة أشهر، إضافة إلى قلق وخوف والديه مما يعانيه طفلهم العزيز والذي كان عمره أربع سنوات. ومع أنه كان قد عرض على أكثر من طبيب ووصف له أدوية وعلاجات مختلفة من المضادات الحيوية، لكن ما زال طفلهم يعاني بل ازدات الحمى والقشعريرة في جسمه وآلام حادة في بطنه الجهة اليمنى وبين أضلاعه ووركه، وبعد نقله للمستشفى، وعمل الأشعة له اكتشف وجود «دبوس». واعترف الطفل أنه ابتلع «الدبوس» الذي كان قد اخترق كليته، وكان لابد من استخراجه جراحياً، وهذا ما حدث.. وهذه الحادثة حدثت في بلادنا. والعملية أجريت بنجاح في مستشفى بجدة..