«الجزيرة» - وضاح اليمن:
كما جرت العادة ظلت الدراما اليمنية حبيسة العمل الموسمي، حيث يعتبر شهر رمضان هو موسم الإنتاج الدرامي في اليمن في مختلف القنوات ووسائل المرئية والمسموعة.
ورغم أن الدراما اليمنية لم تكن عند المستوى المأمول في كل الأعمال الموسمية التي قدمت خلال شهر مضان المبارك للسنوات السابقة، إلا أنها كانت تحاول نوعا ما أن تخرج بأعمال أكثر ما يمكن وصفه بها أنها جيدة إذا ما نظرنا إلى الصعوبات المالية الكبيرة التي تواجه منتجي الأعمال سواء من القنوات أو شركات الإنتاج من جانب، بالإضافة إلى تواضع النصوص المقدمة أحيانا وقلة الخبرات التي تواجه الفنانين اليمنين بسبب انعزال الدراما اليمنية عن واقع الدراما العربية إلا أنها ومع ذلك تحاول أن تجسد قدر الإمكان واقعا حقيقيا يعيشه المواطن اليمني وفقا للظروف التي يعيشها البلد ووفقا للإمكانات المتاحة.
رمضان هذا العام لم يكن أحسن من سابقيه بل ربما يكاد يكون هو العام الأسوأ في تاريخ الدراما اليمنية نظرا للظروف السياسية التي تعيشها البلد بعد مرور أكثر من عام على الانقلاب الحوثي الذي شكل واقعا قمعيا فرض نفسه على واقع الدراما اليمنية حيث تعرض الكثير من الفنانين والكتاب والأدباء والصحفيين إلى ملاحقات واعتقالات من قبل قوى المليشيات في حين غابت الكثير من الوجوه المعروفة لأسباب تتعلق بالحالة الأمنية.
وبالنظر إلى المسلسلات التي قدمت على مختلف القنوات الفضائية اليمنية يكاد يكون مسلسل «همي همك» هو المسلسل الوحيد الذي استطاع إلى حد ما أن يقدم الواقع اليمني المعاش بشكل يقترب من الواقع رغم أنه أثار الكثير من الانتقادات ما بين مؤيد ومعارض إلى جانب القراءات والإسقاطات السياسية التي جعلت قناة السعيدة تصدر بيانا توضح فيه أن المسلسل لا يستهدف أي جهة أو فصيل سياسي وتكاد أن تكون قناة السعيدة هي القناة الأكثر إنتاجا للأعمال الدرامية بسبب ابتعادها عن أي صراعات سياسية وعدم ارتباطها بأي تيار أو فصيل كما تقدم نفسها باعتبارها قناة لكل اليمنيين ذات برامج اجتماعية وثقافية وفنية وسياحية هادفة وكانت قد أنتجت لهذا العام مسلسلا دراميا اجتماعيا آخر بعنوان «أبواب مغلقة» ويحظى بمتابعة جماهيرية جيدة بالإضافة إلى مسلسل الصهير «صابر».
القنوات الرسمية التابعة للشرعية كالفضائية اليمنية وقناة عدن الرسمية لم تنتجا أي عمل درامي لهذا العام، فيما أنتجت قناة يمن شباب المساندة للشرعية والمقاومة الشعبية مسلسل «هفة»، وهو عمل درامي فكاهي لا يستهدف أي طرف، وخلا من أي رسائل سياسية كون بيئة تصوير المسلسل تمت في صنعاء التي ما زالت تحت سيطرة الانقلابيين وهو ما خلق الكثير من المحاذير لطاقم العمل.
قناة سهيل أنتجت عملاً درامياً بعنوان «أنا أشتي أفهم»؛ يهدف إلى تسليط الضوء على جرائم مليشيات الانقلاب بحق الشعب اليمني بقالب كوميدي إلا أنه لم يرقَ إلى المستوى المطلوب في الإنتاج مقارنة بالإمكانات الهائلة لمالك القناة حميد الأحمر.
القنوات التابعة للانقلاب كقناة اليمن اليوم والتابعة للمخلوع صالح أنتجت مسلسل «فك لي أفك لك» عبرت عن مواقف المخلوع من الصراع الدائر وكما هي الحال لقناة اليمن المستنسخة من القناة الرسمية للشرعية التي تحمل نفس الشعار وأنتجت مسلسل «كله يهون» بما يخدم ويعزز توجهاتها ومشروعها الانقلابي.
وفي حديث لصحيفة «الجزيرة» يقول الفنان محمد طالب وهو بطل مسلسل
«همي همك» الذي جسد شخصية «الشيخ برقوق» مسلسل «همي همك» دائما حرص على ملامسة هم المواطن البسيط والاقتراب منه وتسليط الضوء على واقعه وما يعيشه من ظروف سيئة محيطه به وهذا العام تحديدا حرص المخرج والمؤلف الأستاذ فلاح الجبوري أن يكون قريبا من المواطن اليمني وواقعه المعاش وتقديم قضاياه بشكل كوميدي ساخر وبسيط، بما يجسد اسم المسلسل «همي همك»، بما يعني أنه يحمل هم المواطن والوطن.
وأضاف محمد طالب أن هناك كثيرا من الصعوبات التي واجهتهم كغياب الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية بالإضافة إلى موقع التصوير الذي كان في محافظة تعز وقريبا جدا من المعارك الدائرة بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني من جهة والانقلابيين من جهة أخرى.
ويرى طالب أن الأحداث الدائرة في اليمن أثرت وبشكل قوي ليس على مستوى الإنتاج الدرامي بل حتى على مستوى الحياة المعيشية للناس، حيث أصبح التجار والرعاة يتخوفون من خوض أي رعاية لعمل درامي وهذا انعكس على الإنتاج الدرامي نفسه.
أما الممثل الشاب دارس قائد فقد تحدث لـ«الجزيرة» قائلا: للأسف لم تواكب الدراما اليمنية الأوضاع التي تمر بها البلاد، بل ابتعدت بعضها تماما عن الواقع والبعض انحازت لأطراف أو لجهات معينة، ولم تلامس هموم المواطن ومعاناته وألمه.