عبدالحفيظ الشمري
في ظل تنامي حياتنا المعاصرة التي أصبحت تضج بالكثير من الخيارات الاستهلاكية المتنوعة، حتى ازدهرت معها وفرة في صنوف الأطعمة والمشروبات التي تنوعت بشكل غير مسبوق، إذ يعد هذا التنوع والكثافة مصدراً من مصادر القلق الصحي، إذ يتوجب على الجميع التعاطي بوعي مع هذه الهجمة الاستهلاكية الشرسة التي ربما تدمر مشروع الصحة العامة لدى الكثير من المجتمعات.
ومن أبرز ما تفرزه أو تنتجه هذه الأطعمة والمشروبات هي زيادة الوزن، ومن ثم تمدد الجسم بكل اتجاه! .. وقد تدب الأمراض كسبب أو ناتج محتمل لفرط التخمة والشبع الذي تتركه أنظمة الغذاء والمشروبات الجديدة التي أثبتت البحوث والدراسات أنه ما لم نحسن تناولها فقد تكون مصدر أمراض عديدة.
فالملاحظ -وعلى سبيل المثال- أن السمنة في الأجيال السابقة لدينا في السعودية ودول الخليج قديماً لا أثر لها على الإطلاق، وذلك بفضل الحياة العملية الشاقة، والجهد البدني المنتظم، وندرة الطعام، ودأب الأعمال التي كانت تنظم الوقت، إضافة إلى العيش على الكفاف، مما ترتب على هذا التقشف انعدام شبه تام للسمنة، أو البدانة إلا فيما ندر؛ مما قلل من وجود الأمراض المتعلق بالسمنة وحدَّ من استفحال الداء المتعلق بأنظمة الغذاء غير السليم.
وأخطر ما يواجهنا في العصر الحديث هو «سمنة الأطفال» التي تعد هي المأزق الذي تقع فيه الكثير من المجتمعات ولا سيما مجتمعنا على وجه التحديد، حيث تعد هذه الحالة مؤشراً قوياً على أن لدينا مشكلة ما في تنظيم تناول الغذاء، والتهافت على الوجبات السريعة المشبعة بالزيوت، والإكثار من المشروبات الغازية والمحلاة بشكل كثيف.
فحروبنا ضد السمنة يجدر فيها أن تنطلق من تحصين الأطفال ووقايتهم من أمرض محتملة، والسعي إلى خفض نسبة البدانة المفرطة لديهم، والابتعاد عما هو غير صحي، أو يمكن الاستغناء عنه، والاستعاضة بتناول أطعمة معدة بالمنزل، وتحت إشراف الأم؛ لتكفل للصغار حياة غذائية مفيدة ونافعة، مع ضرورة تعاضد جهود الجميع خدمة لهذا الجيل الذي بات البعض يعاني من فرط السمنة، وما ينتج عنها من أمراض محتملة، مع أهمية أن تقوم المؤسسات في دورها في التوعية والإشراف على برامج حماية المجتمع من أضرارها.