عبدالحفيظ الشمري
تُوصَفُ المزية في اللغة بأنها فضيلة، أو خصلة يتفرد بها صاحبها عن غيره من الناس، وهي تميل في الغالب أو المجمل إلى وصف خصال الخير، وفضائل العطاء المتميز لدى شخص أو فئة من البشر.
إلا أن ملفوظ أو مصطلح «المزية» أو «المزايا» استخدمت هذه الأيام بشكل استهلاكي كثيف، لتدخل هذه المفردة على هيئة تهويمات في كل شيء له علاقة في حياتنا المادية المعاصرة، ورغم أن فكرة المزايا قد انسحبت في عهود سابقة على الشق المعنوي من التجارب التي كانت تميز الناس؛ على نحو مزية الكرم، أو الشجاعة، أو الفراسة، أو الخطابة، أو أي أمر إيجابي في الحياة المعنوية.
أما اليوم وحينما نتأمل أمر المزية أو المزايا فإنها باتت مستخدمة بإسراف ولاسيما في الإعلان، والترويج الاستهلاكي.. فلا يمكن لها أن تفارق أي وسيلة، أو مقصد تعريفي، لنجدها وقد استخدمت كثيرا في مجالات خدمية تربحية صرفة، على نحو ما يعرف بمزايا والقروض، والبنوك، وشركات السيارات، والاتصالات، وكل ما هو استهلاكي بامتياز.
فقد انحصرت هذه المزايا المفترضة في حجم استدراج المستهلك، والمستفيد، وربما أحياناً تلوين الأشياء الكاسدة له بأنها مزايا إضافية، رغم كونها افتراضية وخيالية؛ ليسعى من خلالها إلى تمرير فكرة تسويقية معينة؛ هدفها جني المال، وتضخم الأرباح.
هنا لا نلغي أهمية التميز، وصنيع المزايا الواقعية والعملية التي يمكن أن يتم اختيارها بشكل مدروس، لا لبس فيه أو تورية، فمن المهم والضروري أن تكون هذه العروض متوازنة في طرحها، ولها بعد واقعي يحقق معادلة المنفعة والمكاسب.
فما نشاهده اليوم من عروض للمزايا مبالغ فيه يكمن أو يظهر بوصفه عنصر جذب للمستهلك، أو طالب الحاجة، فالمبالغة في أمر توفير المزايا وتعددها قد لا يخدم المؤسسة أوالقطاع الذي ينشئ مثل هذه الوحدات، فيجدر بمثل هذه المزايا أن تكون ذات فائدة ملموسة، وأن يعم مدلولها التكاملي بشكل مناسب، أي أن تبتعد عن الحشو، والوعود التي قد لا تفيد.
فليس من الصائب أن تروج لبعض المنافع والسلع والفرص والقروض على أنها ناجحة بشكل مطلق، في وقت يفترض بمن يطرحون مثل هذه البرامج المعبأة بالمزايا أن يكونوا أكثرا حرصاً ودقة في توفير خدمات ذات منافع متميزة.