خالد بن حمد المالك
كلما حاولت من قبل أن أختتم هذه الحلقات من الزيارة الأميرية إذا بي أجد المزيد من الاتفاقيات والتفاهمات عنها، وإذا بالأمير يحقق من النتائج استثماريًّا ما كان يحفز قلمي للاسترسال بالكتابة عنها؛ فهناك الاجتماعات المهمة والمتواصلة للأمير، وما ينتج عنها من اتفاقيات يتم إبرامها، وتفاهمات يتم التوصل إليها، ورخص الاستثمار التي تُعطى للمستثمرين الراغبين في دخول الأسواق السعودية، وغيرها كثير.. وكلها تستحق أن يكتب عنها.
* *
فالزيارة بمجملها، وبتسارع نتائجها، وباستعجال رجال الأعمال الأمريكيين في أخذ حصتهم من الاستثمار في المملكة، حتى ممن لم تعرض عليهم دعوات من المملكة، أو تأخرت دعوتهم للمشاركة استثماريًّا بالمملكة؛ ما يشير إلى نجاح الأمير في زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، فقد كان متحدثًا مقنعًا وذكيًّا ومشجعًا ومؤثرًا في كل من قابلهم، وتحدث معهم، ووضع التصور أمامهم لاقتناص الفرص المتاحة للاستثمار في المملكة.
* *
وإذ ينهي سموه زيارته للولايات المتحدة الأمريكية بما حققه من أهداف، وإذ يعطي هذا الانطباع الممتاز عن الاستثمار الأجنبي في المملكة، وإذ يسجل في أذهان الأمريكيين هذه الصورة الجميلة عن بلادنا، ويضعهم أمام ثقة والتزام منا مع كل مستثمر أمريكي في مدننا، إنما ينقل للعالم من خلال البوابة الأمريكية ما نحن مقبلون عليه من تطور، وما ينتظر المملكة من تحديث وتجديد وريادة في كل شيء.
* *
فبين من لم نُشِر إليه في الحلقات السابقة من هذه السلسلة من مقالاتي - وهو كثير - اجتماع سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع مديري المحافظ المالية في بورصة نيويورك، بحضور ومشاركة شركات أمريكية عملاقة، مثل شركة (داو كميكال)، وكذلك شركة (فايزر). وهاتان الشركتان ستكونان ضمن أولى الشركات التي ينتظر أن تستثمر في الأسواق السعودية، بعد أن تعرفوا على رؤية المملكة 2030 وما انبثق منها من التحول الوطني 2020، وتلك البرامج المهمة التي ستصاحب هذا التوجه نحو تغيير صورة المملكة في المستقبل. وكذلك حضور سموه لحلقة نقاش في نيويورك مع عدد من رواد الابتكار ضمن سعيه لنقل الإمكانات التكنولوجية إلى المملكة، والدخول في عالم التقنية.
* *
ومن المؤكد أن هناك الكثير مما تم بحثه في لقاءات سمو الأمير محمد، أو من خلال تواصل أصحاب المعالي الوزراء والمستشارين لاستكمال المباحثات مع المستثمرين الأمريكيين من شركات ورجال أعمال. وقد يحتاج الأمر إلى مزيد من اللقاءات مستقبلاً في المملكة وأمريكا للوصول إلى النتائج التي تسعى المملكة إلى تحقيقها، وإلى مزيد من المال الأمريكي لاستثماره في مشاريع صناعية وترفيهية وغيرها؛ لتتوالد عنها فرص وظيفية للمواطنين، وتساعد على الحد من الاستيراد، بأمل أن تكون المملكة دولة صناعية متقدمة، ومصدرة في المستقبل.
* *
لقد بدأت الخطوات الأولى في هذا التوجُّه بالزيارة الأميرية لأمريكا، وسوف يحتاج ذلك إلى كثير من العمل، وإلى مزيد من الجهد في البحث عن مزيد من الفرص الاستثمارية المفيدة للمملكة بالتعاون مع المستثمرين الكبار. وسيكون لحسن الاختيار، سواء للمستثمرين، أو نوع الاستثمار المستهدف، دورٌ في إنجاح الرؤية وبرامج التحول الوطني. وكلما أحسنا في اختيار نوع الشركات المستثمرة، وركزنا على الأنواع المفيدة من المصانع والمجالات الأخرى الاستثمارية - وهذا ما يقوم به سمو الأمير - كلما ساعد ذلك على التحوُّل الذي ننشده، وقلل من الاعتماد على البترول فقط دون مشاركة غيره في مصادر الدخل، وتعزيز نمو الإيرادات.
* *
ولا بد من القول إننا تعرفنا الآن على الطريق الصحيح لتحسين صورة المملكة اقتصاديًّا، وإن الخطوات لتفعيل ما تم التأكيد عليه في الرؤية وكذلك التحول الوطني قد بدأت بهذه الزيارة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان. وسوف تستكمل هذه الخطوة بخطوات أخرى، بدءًا من التنفيذ للمشروعات التي اتُّفق عليها، فالإنتاج، ومواصلة طرق بقية الأبواب في دول أخرى للاتفاق معها على الاستثمار بالمملكة. ولعل الخطوة التالية تبدأ من فرنسا؛ إذ يبدأ الأمير زيارته، ولها هي الأخرى ملفاتها ومباحثاتها والمجالات التي يحسن بالمملكة أن تستفيد من مشاركة فرنسا فيها، وبأن يكون لها حضور في الاستثمار بالسوق السعودية.