حمّاد السالمي
* اكتسبت زيارة سمو ولي ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز) إلى الولايات المتحدة الأميركية؛ أهمية بالغة على كافة الصُّعد المحلية والإقليمية والدولية، خصوصاً وسموه يمثِّل في هذه الزيارة التاريخية رؤية القيادة الحكيمة في المملكة، التي تعمل اليوم جاهدة، لتحقيق برنامج (التحول الوطني 2020)، وتسعى للوصول من خلاله؛ إلى (رؤية السعودية 2030).
* كانت الأنظار متجهة لمتابعة النشاط السياسي والإستراتيجي الكبير للأمير الشاب؛ الذي اختار هذه المرة العاصمة واشنطن، لتسجيل انطلاقة عالمية كبرى للرؤية السعودية الطموحة من دولة عالمية كبرى لها ثقلها السياسي الكبير في العالم، ولها خبرتها المالية ووزنها الاقتصادي المؤثر في كافة الاقتصادات العالمية، ذلك أن كبريات الشركات المالية والاقتصادية الشهيرة في أميركا وأوروبا وآسيا؛ إما أنها تنطلق من أميركا، أو أنها تدور في فلك الاقتصاد الأميركي والدولار الأميركي، إضافة إلى التأثيرات السياسية الأميركية في توجيه عجلة المال والاستثمار في الأسواق العالمية، فأميركا هي أكبر دول العالم سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1989م.
* جاءت واشنطن محطة ثانية عالمية لانطلاق عجلة (رؤية المملكة 2030م) بعد الرياض التي شهدت ولادتها وانطلاقتها محليًا وعربيًا. وجاءت لقاءات ومباحثات (الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز) في الولايات المتحدة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ووزير الخارجية جون كيري، والقيادات الأخرى في الميادين الاقتصادية وشركات الاستثمار المختلفة؛ تعزيزًا لفكرة الرؤية ونجاعتها المرتقبة؛ في بلد كبير في حجم المملكة؛ يطمح إلى الانفتاح الثقافي، والتغيير والتطوير على أسس علمية واقتصادية مدروسة. إن أول رد من البيت الأبيض بعد لقاء الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي باراك أوباما؛ أن الأخير كلّف فريقه الاقتصادي بتقديم تقرير عن (رؤية المملكة2030)، و(برنامج التحول 2020)، في دلالة واضحة على أن المسؤولين الأميركيين من الاقتصاديين والسياسيين؛ رأوا أن رؤية المملكة تحمل إستراتيجية واضحة، وتنطلق من أهداف محدّدة، مشيدين بما قدمته الرؤية من الإفصاح والشفافية في برامجها التنفيذية على مدى الخمسة عشر عامًا المقبلة.
* تناولت المباحثات التي قادها سمو ولي ولي العهد في الولايات المتحدة الأميركية؛ حزمة من الملفات المهمة، سياسية وأمنية وخلافها؛ إلا أن الواضح أن الأولوية كانت للملف الاقتصادي الذي يمثّل سنام برنامج التحول والرؤية، فدولة كبرى مثل أميركا تستهلك يوميًا 20 مليون طن من النفط الخام، يهمها أن تعرف التوجهات المستقبلية لأكبر دولة مصدرة للنفط مثل السعودية، وهي لا تخفي اهتمامها لمعرفة سياسة المملكة النفطية على المدى القريب والبعيد أيضًا. والسعودية التي تعمل للخروج من دائرة الاعتماد شبه الكلي على النفط، بتنويع مصادر الدخل، وتوطين التقنية، تبحث عن شركاء كبار يسهمون معها في الحراك التنموي القادم، وهذا ما تم التركيز عليه مع المسئولين الأميركيين في شأن المحتوى المحلي في الاقتصاد وزيادته، وأن المملكة تسعى للاعتماد على الصناعة المحلية، سواء من المصنعين المحليين؛ أو من الشركات الكبرى بدلاً من الاستيراد. إن أولى ثمار هذه المباحثات؛ ما أعلن عنه خلال الأيام الأولى للزيارة؛ بخصوص دعوة الشركات الأميركية لمضاعفة استثماراتها في المملكة، بوصفها بيئة اقتصاد واعدة وآمنة من حيث ثبات السياسات، وحماية المملكة للمستثمر السعودي والأجنبي، فقد أعلن عن منح أول ترخيص لأول شركة أميركية للعمل في المملكة، وهي شركة: (داو كميكال) لتجارة التجزئة، وتناولت المباحثات؛ الاستفادة من الاستثمارات المالية المشتركة في فتح مصانع وطنية في المملكة، ومن ذلك منح تصريحين آخرين لشركتي (3 إم) و(فايزر) العملاقتين، فالشركات العملاقة مثل هاتين الشركتين وشركة (آبل)؛ سوف تضيف للسوق السعودية الكثير مما يحتاجه برنامج التحول والرؤية.
* وعلى المستويات الإعلامية المتابعة للحدث الأهم؛ فإن صحفًا أميركية أبدت إعجابها بما رشح عن زيارة الأمير السعودي الشاب ولقاءاته ومباحثاته مع كبار المسئولين والمستثمرين، وبخاصة زيارته لوادي السليكون، وحرصه على تشجيع ودعوة كبريات الشركات لتوطين التقنية والاستثمار في المملكة. فصحيفة (سي بي إس) نسخة سان فرانسسكو على سبيل المثال قالت: (إن السعودية قادرة بقوة اقتصادها، والتغييرات الجديدة، والتسهيلات التي يتم العمل عليها لمنحها للمستثمرين؛ على جلب شركات ضخمة تعمل داخل المملكة، وهو ما يشير إلى أن السعوديين جادون في التغيير، وجادون في إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية).
) كيف تكسب الأقوياء في هذا العالم إذا لم تكن ندًا وقويًا..؟
* القوة ليست فقط جغرافية وسياسية، أو سكانية وعسكرية. الاقتصاد قوة كبرى لا يستهان بها، فهو يقود العالم منذ عدة عقود، وهو الذي أسقط الاتحاد السوفيتي قبل عقدين ونيف، وهو عقدة إيران الصفوية مع جيرانها العرب، وهو الذي يُسيد اليوم الصين واليابان وكوريا، وهو الذي يعصف في الوقت نفسه بدول وشعوب عربية وغير عربية في آسيا وأفريقية. إن من يملك القوة الاقتصادية الكافية، يملك نفسه، ويملك بموجبها زمام أمنه واستقراره، ويملك قوته الجغرافية والسكانية والسياسية والعسكرية.
* تحية لأميرنا الشاب: (محمد بن سلمان بن عبد العزيز).
ومن يتهيَّب صعود الجبال
يعشْ أبد الدهر بين الحفر