«الجزيرة» - الاقتصاد:
مثل نموذج الطائرة بلا طيار الذي ابتكره الطالب الإماراتي طالب الهنائي، تحتاج طموحات الشبان في مختلف دول الخليج للتحليق عاليا إذا كان مقدرا لهم ولاقتصاد بلدانهم الازدهار في عصر النفط الرخيص.
والهنائي (23 عاما) الذي يجري حالياً أبحاثا لنيل درجة الدكتوراه هو من أصحاب الأفكار المبتكرة الذين تحتاج إليهم المنطقة هم ومن يتطلع من الشباب إلى حياة المخاطرة في مجال الأعمال بدلا من الركون إلى وظيفة مضمونة غير منتجة في أجهزة الدولة.
ويرفع الهنائي نظارته عاليا ليتابع طائرته وهي ترتفع فوق مسرح مفتوح في وسط مدينة دبي ويشرح كيف يمكنها الهبوط بسرعة ورش مادة مانعة للتسرب على أنابيب النفط المعطوبة.
حققت الثروة النفطية لدول الخليج العربية عشرات السنين من الازدهار التي تم خلالها توظيف الخريجين من الحاصلين على تعليم غير عال على مناصب حكومية مريحة.
لكن هذا العهد انتهى، فانهيار أسعار النفط يجعل تلك الدول تفكر بجدية في الالتزام بوعود قديمة لتحويل الشباب إلى أيد عاملة يمكنها أن تنافس على المستوى العالمي.
وقال الهنائي، وهو يعرض نموذج الطائرة الذي صنعه مع زملاء له في امبريال كوليدج في لندن وفاز به في مسابقة رعتها الدولة أقيمت في المسرح المكشوف: إن شباب الخليج يتلهفون على كسب الرزق باستغلال أفكارهم لا من خلال الحصول على منح.
وقال الهنائي: «يوجد إدراك وصحوة بين جيلي أن عصر النفط لا يمكن أن يدوم للأبد وأننا بحاجة للمسارعة إلى رد (الجميل) لمجتمعاتنا خاصة من خلال الابتكار والتكنولوجيا وأن نمزق تلك الصورة النمطية عن كوننا متعطلين».
ويعمل أكثر من نصف المواطنين العرب في منطقة الخليج في وظائف بالقطاع العام وفي الكويت تصل النسبة إلى 80 في المئة تقريبا.
لكن صندوق النقد الدولي يتنبأ الآن بانخفاض النمو الاقتصادي في الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إلى 2.8 في المئة في 2016م من 3.25 في المئة في 2014م، كما انخفض نمو القطاع الخاص.
وقد أطلقت الإمارات والسعودية مبادرات هذا العام لتعهيد خدمات الدولة للقطاع الخاص والحد من الإنفاق والاستثمار في التعليم والتدريب المهني.
ومما يؤكد هذه المشكلة خفضت وكالة ستاندرد اند بورز التصنيفات الائتمانية للسعودية والبحرين وسلطنة عمان في ثاني خفض جماعي من نوعه لدول كبرى منتجة للنفط خلال نحو عام.
وتحاول شركة أرامكو العملاقة للنفط أكبر الشركات السعودية التي تعد نموذجا للكفاءة في المملكة التشجيع على الابتكار بمنح أصحاب المشروعات التدريب والقروض.
ومن المستفيدين من ذلك لؤي لباني (28 عاما)، الذي يملك شركة اينوسوفت للتكنولوجيا في وادي الظهران للتقنية في شرق البلاد.
وقال لرويترز لباني إن المخاطرة مازالت غريبة على ثقافة العمل السعودية وإن قلة من أقرانه يتفهمون ما يبذله من جهد من أجل النجاح بدلا من قبول منصب رسمي مريح.
وأضاف «أسرتي وأصدقائي يحاولون أن يقولوا لي يجب ألا تركز على هذا، اقبل فقط وظيفة حكومية وما تجلبه من أمان».
وقال «نصف الموظفين العشرين الذين يعملون لديّ سعوديون وأنا أحتاج الى عشرة آخرين. لكنه كفاح صعب من أجل العثور على المطورين ومصممي مواقع الإنترنت والمبرمجين الممتازين. علينا أن نجري 200 أو 300 مقابلة لتوظيف سعودي واحد فقط. لأنّها ليست المعرفة فقط التي يصعب العثور عليها بل الشخصية المناسبة للعمل في مشروع خاص».
وتتصدر الإمارات جيرانها في محاولة تنويع موارد الاقتصاد بدلا من الاعتماد على النفط. وفي يونيو / حزيران من العام الماضي قال صندوق النقد الدولي إن الإمارات يمكنها إبقاء الإنفاق عند المعدلات الحالية لما بين 30 و40 عاما لكن سعر النفط انخفض بعدها إلى النصف.
وفي الشهر الجاري قامت الإمارات بأكبر عملية إعادة هيكلة للحكومة فدمجت وزارات لتقليص التكاليف وأنشأت هيئات لتعزيز العلوم والقدرات البشرية والشباب.
وقال الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان (أحد كبار أعضاء الأسرة الحاكمة في أبوظبي) إن التعليم هو الركيزة الأساسية في خلق جيل منتج.
وفي متحف المستقبل في دبي كانت المعروضات تمثل لمحة لما ينتظر عرب الخليج. فقد كان صبية من الإمارات ومجموعات من الفتيات يتجولون في غرف المتحف المضاءة باللون الأرجواني يحملقون في اختراعات جديدة من بينها نظارات ترصد أمزجة الآخرين وسماعات أذن تترجم الكلام ومبتكرات تزرع في الأدمغة لنقل الأفكار.
ويهدف المتحف الذي سيفتتح بالكامل عام 2018م إلى العمل مع شركات الأبحاث والجامعات لتحويل مثل هذه الأدوات إلى واقع يحمل شعار «صنع في الإمارات» وكذلك إلهام الآخرين.
وقال سيف العليلي، المدير التنفيذي للمتحف: «بعض التكنولوجيا المعروضة هنا لن تتحقق قبل عام 2030م. ونحن نقدمها هنا لنلهب خيال شبابنا حتى يمكن أن يكونوا فكرة عن العالم الذي سيعيشون فيه».