د.عبدالعزيز العمر
إن أحد أهم أهداف العلم والتعليم اليوم هو القضاء على الخرافات التي تعادي العلم والعقل، أو على الأقل محاصرتها بحيث لا تمتد لتؤثر على عقول الناشئة، وبالتالي على تقدم وازدهار المجتمع. ولا تظن أيها القارئ الكريم أن الغرب المتقدم حضاريا اليوم في منأى من الخرافات، فقد تهبط في مطار نيويورك أو لوس انجلوس وتجد أمامك أجهزة إلكترونية تقرأ طالعك ومستقبلك. وأذكر أنني عندما قدمت مع بعض الزملاء إلى أمريكا لأول مرة للدراسة أننا كنا الوحيدين في المطار الذين توقفوا ليستخدموا هذا الجهاز بسبب خلفياتنا الثقافية. الفارق بيننا وبين والغرب في موضوع الخرافة هو أن الغرب يحصّنون أبناءهم ضد الخرافات بنشرهم ثقافة ومناهج التفكير العلمي وبتعليم أسس المنطق، تحقق لهم ذلك من خلال بنائهم لنظم تعليمية تعطي قيمة مركزية للعقل، وتضع الارتقاء بالتفكير النقدي التحليلي في الصدارة. ولكن يبقى السؤال الكبير هو: ما هي الظروف التي تجعل الخرافات تنتشر وتزدهر في مجتمع ما؟ تزدهر الخرافة غالبا في الظروف التالية: 1- عندما يتجاهل النظام التعليمي تنمية التفكير العلمي، عندئذ يميل الناس إلى التسليم واليقين بما يسمعون دون إخضاعه للمنطق والفحص العلمي، 2- اعتقاد البعض بوجود قوى شريرة تسيطر على الحياة، ولجؤوهم إلى السحر والجن والتعاويذ وتفسير الأحلام، تذكروا أن التفكير الخرافي هو في صميم شعور كل الناس ما لم يتدخل التعليم الجيد لاجتثاثه، 3-عندما يصنع الناس رموزا دينية ويسبغون عليهم صفات خارقة للطبيعة البشرية، عندئذ يسيطر الهوى والعواطف على الناس فتتشوه رؤيتهم للحقيقة وتنتصر الخرافة.