د.عبدالعزيز العمر
لم يتوقف التربويون يوماً عن مواصلة تغيير وتطوير نظم تعليمهم، بل إنهم نجحوا (في بعض النظم التعليمية المتقدمة) في إحداث تغيير تعليمي جذري، أو ما يمكن تسميته تحول تعليمي (Transformation). اليوم ونحن ندخل مع المجتمعات الإنسانية الألفية الثالثة نجد أنفسنا في مواجهة شرسة مع تغيّرات ومستجدات عالمية مهولة وغير مسبوقة في مجالات التقنية ونظم المعلومات والاتصالات والمكتشفات العلمية، من المؤكد أننا سنكون غير قادرين على مواجهة تلك المستجدات العاصفة أو التفاعل معها في ظل وجود نظام تعليمي تقليدي يقاوم التجديد أو التحول التعليمي بكل صوره. إن التحول الحقيقي في التعليم لا يكمن فقط في عرض الأرقام الحالية والأرقام المستهدفة مستقبلاً، التحول في التعليم يتوجه نحو إحداث تحول حقيقي في مكوناته الأساسية الثلاث، وهي المعلم والطالب والمنهج. فدور المعلم يجب أن يتحول من كونه مجرد ناقل للمعرفة إلى دور المحرض على التفكير والمثير لروح البحث والاستقصاء في نفوس طلابه. أما دور الطالب فيجب أن يتحول من مجرد كونه سلبياً مستقبلاً لنتف من المعرفة التي لا معنى لها ليصبح باحثاً عنها مشاركاً حقيقياً في عملية التعلم، ويمارس أرقى مستويات التفكير، التغيّر في دور الطالب يتطلب نقله من هامش العملية التعليمية إلى مركزها، أما التحوّل في المناهج فيتطلب أن تكون مناهجنا مرنة تستجيب لمتطلبات الواقع المعيش للطلاب، لا أن تكون مناهج جامدة تضطرنا إلى تكسير وثني أطراف الطفل لندخله عنوة في صندوق المناهج. لا شك أن دون التحوّلات السابقة خرط القتاد، ولكنها تبقى تحوّلات ممكنة وغير مستحيلة.