محمد آل الشيخ
من أدبيات جماعة الإخوان المسلمين، وبالذات الجناح القطبي منهم، إذكاء روح العداء والكراهية بين الغرب والمسلمين؛ هذا ما نقرأه بوضوح في مؤلفات «سيد قطب» وأخيه محمد؛ فالغرب الذي يصرون على أنه (صليبي) يسعى -كما يقول خطابهم المسيس- إلى التآمر على المسلمين، لإبقائهم أمة متخلفة، لأنهم يخشون حسب إدعاءاتهم من (المارد) الإسلامي أن يخرج من القمقم، ويتفوق عليهم، ويدمر حضارتهم. هذا الفكر الذي يعيد تخلف المسلمين عموماً والعرب خصوصاً، إلى الغرب، يجد له قبولاً وآذاناً صاغية، لدى كثيراً من المسلمين، لأنه يبرر تخلفهم الحضاري؛ فلولا تآمر الغرب، وعمله على أن يبقى المسلمون متخلفين، لانطلقت الحضارة الإسلامية، وبلغت شأواً عظيماً، ما يجعل من حضارتهم حضارة تابعة لا متبوعة.
غير أن هذه الدعوات العدائية للغرب تريد منها هذه الجماعة المسيسة والوصولية، أن تحقق نظريتها التقليدية، ومؤداها أن الصدام بين الإسلام والغرب هو الذي سيمكنها من حشد المريدين وتعبئة المسلمين، ليتوحدوا خلفها، وفي الوقت ذاته يطيح باستقرار الأنظمة القائمة، وبالتالي تصبح فرصتهم لاستغلال الاضطرابات للقفز إلى السلطة ممكنة، وتحقيق حلم (دولة الخلافة) التي استوردوها من الموروث الإسلامي، والتي ارتقوا بها حتى جعلوها (فرضاً) من فروض الدين، لا يكتمل إسلام المسلم إلا بالعمل على تحقيقه.
وبناء على ما تقدم فقد لاح في الآونة الأخيرة لجماعات الإسلام السياسي، فرصة سانحة لا تعوض، حينما وجدوا أن (التطرف اليميني) في الغرب بدأ يُحقق شعبية وانتشاراً يتزايد مع الزمن، وغني عن القول أن انتشار هذه التوجهات المتطرفة من شأنها ترسيخ العداوة والقيم العنصرية والبغضاء، وما يعزز من قيمة العودة للعنصرية التي نبذتها ثقافة الغرب، وهذا في المقابل ما يذكي فتيل الحلول (الجهادية) لمواجهة الهجمة العنصرية، وهو ما سيحوّل الصراع من كونه صراعاً بين العالم والإرهاب، إلى أن يصبح صراعاً بين المسلمين والصليبيين؛ وهنا الغاية التي تدور وتحور عليها أدبيات الإسلام السياسي، بمختلف توجهاته.
لذلك رحب أحد المتأخونين الجزائريين في قناة (الحوار) الإخوانية، توأم (قناة الجزيرة)، بانتصار مرشح الحزب الجمهوري الأمريكي «دونالد ترامب»، وتمنى من كل قلبه أن يفوز برئاسة أمريكا، لأن فوزه -كما قال- سيكشف الأقنعة، ويحيل الصراع إلى صراع بين الغرب الصليبي والإسلام.
إضافة إلى أن اليمين المتطرف، والمعادي حسب خطابه التقليدي للعرب والمسلمين، بدأ هو الآخر ينتشر ويزدهر في أرجاء أوروبا، بعد تفاقم الحوادث الإرهابية، وتدفق اللاجئين العرب إلى أوروبا؛ الأمر الذي يجعل فوز اليمين المتطرف بالحكم أمراً محتملاً؛ وهو ما يزيد الطين بللاً، ويجعل الأزمة مع الإرهاب تأخذ اتجاهاً خطيراً نحو تحولها إلى صراع بين الأديان، كما تطمح جماعة الإخوان والحركات المنبثقة عنها.
وعلى أية حال فالذي يجب أن يعرفه المسلمون، والعرب تحديداً، أن أية مواجهة بين الغرب والمسلمين، سيكون الرابح الأكيد فيها الغرب على جميع المستويات، والخاسر بالتأكيد هم المسلمون وعلى جميع المستويات أيضاً؛ وحتى جماعة الإخوان التي أشعلت الثورات العربية في الربيع العربي بهدف خلط الأوراق، لعلها تجد سبيلاً لأن تقفز إلى السلطة، سيكونون هم أيضاً أول الخاسرين لوكانوا يقدرون الأمور حق قدرها.
إلى اللقاء،،،