د.خالد بن صالح المنيف
مما أتُفق عليه أن حياة البشر وما يعتريها من سعادة وشقاء ونجاح وفشل يعود بالدرجة الأولى لطبيعة تفكيرهم، فحياتك كما قيل: من صنع أفكارك! أفكارك وحدها من يعطي للحياة طعما كالشهد, وربما جعلتها علقماً مراً, وهي من يرسم للحياة أجمل الصور وربما كان أقبحها فاختر لنفسك ما شئت من أفكار! وعليه فإن خير هدية تقدمها لنفسك أن تتبنى أفكاراً إيجابية وسأهديك اليوم أفكارا جميلة لتحقيق السمة الأبرز عند السعداء وهي (الرضا):
1- افهم الحياة وطباعها وأخلاقها وتعلم قوانينها، ستعرف حينها أن الوجع طبيعي والألم حتمي والفقد لا بد منه، فخفض عليك, فالأمر أهون وأصغر مما تظن ولا تجعل لليأس درباً لك وإن عانيت من حدث أو أسهرك موقف!
2- عندما تواجهك (أزمة)؛ فلا تهدر وقتك في الشكوى توقَّف عن العودة للماضي، وفكِّر في الحلِّ, الحلِّ فقط! وتأكَّد أنَّ الله لن يضع في طريقك عقبة لا تستطيع تجاوُزها، ولا حاجزًا لا تستطيع قفزه، ولا حفرة تعجز عن الخروج منها.
3- إخفاقك وعدم اكتمال مشاريعك وعثراتك ليس نهاية العالم ولا يعني تعاستك؛ فلا تجمع عليك مصيبتين: مصيبة الحدث وتضيف له مصيبة الشكوى المميتة واليأس، فلا شيء أقتل للروح، ولا أضيع للحياة من الاعتقاد بأنَّ الوضع السيئ دائم، وأنَّ الموقف الموجع باقٍ إلى ما لا نهاية وتسل دائماً وأبداً بقوله تعالى {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} فلعل الخير على أبوابك قد تأهب لطرقه فدونك الرضا سلاحاً وعدة!
4- إنْ أردتَ حياة سعيدة هانئة؛ فخلِّص نفسك من السلبيّين، وحرِّر نفسك من أيِّ مصدر للإزعاج، وأولهم الشخصيات كثيرة الشكاية دائمة النواح تلك الشخصيات التي لا تقدر نعمة ولا تثمن منحة لأن النتيجة في الغالب أنك ستنحى مناحهم تذكر أن أيامك محدودة، وعمرك أثمن من أنْ تضيعه على ما لا ينفعك!
5- يقول صاحب كتاب هذه حياتك: (الرضا أول مفاتيح النجاح) ففي كلِّ صباح افتح روحك لجميل الأشياء، وعينيْك لمشرق الألوان، وأذنيْك لعذب النغماتِ، وعقلك لجميل الأفكار، ورئتيْك لنقيِّ الهواء،تحرَّك مستعينًا بالله, لا شاكيًا ولا ساخطًا على الأمس, ولا قلقًا من الغد, راضيًا بما قسم الله لكَ, وصابرًا لما حكم به, وقانعًا بما وهبه لكَ, وأبشِر بعدها بالخير.
6- لن يتحقق لك الرضا وأنت ناقم على نفسك، تقبل شكلك وجنسيتك وعائلتك وبشرتك وكل هذه الأمور لأنك حينما ترضى عن ذاتك فقد خطوت الخطة الأهم نحو الرضا عن الحياة.
7- مشكلة البشر الأولى أنهم يفكرون بما ينقصهم ولا يفكرون بما يملكون, وهم يملكون ما لا يقدَّر بثمن, هل سمعت بمبصر قد عرض بصره للبيع بكنوز الأرض، إن شعرت شيئا بالضيق وزارك شعور بعدم الرضا فخذ ورقة وقلم ودون فقط 20 نعمة منحك الله إياها ثم تخيل فقد واحدة منها..وتأمل كيف ستكون حياتك! يقول الفيلسوف (ثورتونوايلدر): «لا يمكن القولُ إننا على قيدِ الحياة إلَّا في تلك اللحظاتِ التي تعي فيها عقولنا ما نمتلكه من ثرواتٍ!»
8- لا تمد العين ولا تتابع البشر ولا تتبع أخبارهم... أين ذهبوا؟ وماذا أكلوا؟ ومتى سافروا؟ فتلك العقلية جزما لن تشعر بالرضا ولن تسعد بالسكينة لأن هذا السلوك مآله مقارنة تشعل النيران بداخله! ومما يضع حدا أقصى لسعادة الإنسان أن يقارن بين ما ينقصه؟ وما اكتمل عند من حوله!
9- لا تكن شرها في مطالبك، ولست ضد الطموح والتطلع ولكن التوسع الزائد في اشتهاء ما لا يُملك يدمر بنيان الرضا وكلما تواضعت مَطالبنا من الحياة ازدادت فرصنا للسعادة والرضا عما حققناه لأنفسنا من مطالبنا البسيطة.
10- تأملت في حال البشر فوجدت أن مما يجلب لهم التعاسة وعدم الرضا أن ينتظروا سببًا يجعلهم راضين سعداء، وأقول: لسنا بحاجة للانتظار, فلدينا الآن ألف سبب يجعلنا سعداء, ففتش عن أحدها الآن.
11- تعرف على مواهبك وقدراتك ونقاط قوتك واشرع بخطط لتعزيزها واستثمارها، اجعل لك بصمة في كل مكان تكون فيه، ومعه سيكون الذكر الحسن واستشعار متعة فعل الخير.
12- من أعظم محققات الرضا وجالبات السكينة ولاشك هو الاطمئنان التام والإيمان الجازم بأن كل ما في هذا الكون إنما هو بيد الله ولا يحدث فيه شيئاً إلا بقضائه وقدره {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا} يقول الغزالي: إحساس المؤمن بأن زمام العالم لن يفلت من يد الله يقذف بمقادير كبيرة من الطمأنينة في فؤاده. إذ مهما اضطربت الأحداث وتقلبت الأحوال.
13- لا تتعامل مع الآخرين بنظام (اللقطة السريعة) فتعتقد بلقطة واحدة من حياة من حولك إما (سفرة أو منزل فخم أو سيارة فارهة) أن كل ما في حياتهم كامل وأنهم يعيشون حياة غاية في الراحة وأنك الشقي التعيس قليل الحظ! وأذكرك بأن هناك تفاصيل خافية عليك من أحوال الناس ربما لو كنت صاحبها قصمت ظهرك!
شعاع:
علمتني الحياة أن أتلقى كل ألوانها رضا وقبولا
ورأيت الرضا يخفف أثقالي ويلقي على المآسي سدولا
والذي ألهم الرضا لا تراه أبد الدهر حاسدا أو عذولا
أنا راض بكل ما كتب الله ومزج إليه حمدا جزيلا
أنا راض بكل صنف من الناس لئيما ألفيته أو نبيلا
فالرضا نعمة من الله لم يسعد بها في العباد إلا القليلا