أحمد بن عبدالرحمن الجبير
تأتي زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى أمريكا، في توقيت مهم جداً فسموه يعمل على وضع الرؤية السعودية 2030م أمام رجال المال والأعمال والشركات الأمريكية، ويزور وادي السيلكون لمقابلة الرؤساء التنفيذيين، وأيضا زيارة شركة «أوبر» التي تم الاستثمار معها في شراكة استثمارية، إضافة إلى قضايا سياسية وعسكرية، وتعاون ثنائي سعودي أمريكي في ملفات المنطقة.
هذه الزيارة تبدو عملية، لرجل أخذ على عاتقه وبدعم القيادة تولي الرؤية السعودية 2030م، والتحول الوطني 2020م، وكان عليه أن يذهب إلى كبريات الشركات العالمية لبيان حجم الفرص الإيجابية التي تتمتع بها المملكة، والتطورات الاقتصادية والمالية الضخمة التي ستحوز عليها المملكة بفضل عمليات التخصيص القادمة الأمر الذي سيفتح شهية الشركات العالمية، وهي الشركات التي ظلت باستمرار ترنو باتجاه الاستثمار في المملكة.
الوفد المرافق لسموه من المسؤولين والخبراء والإعلاميين، تم تحديد مهامه مسبقا، في كيفية الاتصال بالأعلام الأمريكي، واختيرت شركات علاقات عامة لتساهم في ايصال الرسالة السعودية، وتأتي هذه الزيارة في نهاية ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وفي ظل الاستعدادات الامريكية للانتخابات الرئاسية القادمة، حيث سيكون للفريق المرافق فرصة الاطلاع على اتجاهات الرأي العام الأمريكي، رغم المؤشرات الكبيرة في احتمالية فوز هيلاري كلينتون.
الاطلاع على برامج المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين، أمر مهم لدولة قائدة ومؤثرة في العالم، وغالبية مواقف المرشحين في الوقت الحالي مخصصة لتلبية متطلبات الجمهور واتجاهاته، وهي لا تعكس بالمحصلة رأي الرئيس المنتخب، فهناك جهات عديدة تدخل في صناعة القرار السياسي الأمريكي غير الناخب الأمريكي كشركات النفط والسلاح، والأدوية والإعلام، حيث لا يمكن استشفاف ملامح وتوجهات أي إدارة أمريكية من البيانات والرسائل الانتخابية فقط.
عموما زيارة سمو ولي ولي العهد قيمة جدا، حيث لازالت أمريكا قوة مؤثرة في الاقتصاد الدولي والسياسة الدولية والأقليمية، والشركات الأمريكية لازالت الأعلى دخلا واستثمارا على مستوى العالم، ولازالت أمريكا رغم تراجعها تدير ملفات المنطقة السياسية في سوريا والعراق، وايضا الملف الفلسطيني.
الزيارة أيضا ستفتح نوافذ في العلاقات السعودية الأمريكية المتراجعة، حيث بدأت أمريكا استعادة بعض التوازن في علاقتها مع الرياض، خاصة بعد تصريحات مدير المخابرات الأمريكية حول براءة المملكة من أحداث 11 سبتمبر 2001م، وكذلك انتصار الدبلوماسية السعودية مؤخرا في الامم المتحدة، حيث أوضحت هذه الدبلوماسية بأن الرياض قوة عربية، وإسلامية نافذة، وأن على الجميع أن يراعي مكانتها ودورها الإقليمي والعالمي.
نتوقع بأن تكون للزيارة نتائج إيجابية على مجمل الاقتصاد الوطني، وعلى العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث بدأت دول إقليمية تستشعر حجم اخطاء سياسات التوتير التي تنتهجها في المنطقة، وسلبية ذلك على الأمن الإقليمي والعالمي، في تجاه مناقض لما تقوم به المملكة من مساندة لعمليات التنمية، والأمن والسلام ليس على المستوى السعودي وإنما على المستوى الإقليمي والعالمي.
التوقعات تفيد بأنها زيارة إيجابية ستكون في إطار مجموعة الزيارات الاقتصادية السابقة لدول مثل فرنسا وروسيا، وتطلعاتنا بأن يكون ضمن خطة سموه المستقبلية وضع ألمانيا والهند والصين على قائمة الزيارات، والعلاقات الاستراتيجية، وذلك لوجود مجالات لشراكة استراتيجية أكبر مع هذه الدول المهمة.
وحسم العديد من الملفات والأزمات الإقليمية، ومؤشرات ارتفاع أسعار النفط، والتي قد تصل إلى 60 دولارا للبرميل خلال الأشهر الثلاثة القادمة، الأمر الذي سيعطي المملكة قوة دفع إضافية لمواصلة دعم توجهاتها في التحول الوطني في إطار الرؤية السعودية 2030م، كما أن على الوفد الإعلامي والخبراء المرافقون لسموه أن يدركوا أهمية الإعلام المتخصص، والمهني في الدفاع عن مصالح المملكة باعتباره قوة ومرجعية إسلامية لها مكانتها العربية، والإسلامية والدولية، وتبني منظومة إعلامية وقوة حضور وتأثير سعودي.
لازلنا واثقين جدا بقدرة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ودعم خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين – حفظهم الله - بأن تتجاوز المملكة التحديات، وأن تعزز مكانتها الإقليمية والدولية، وان تعيد هيكلة الاقتصاد الوطني بما يخدم الوطن، والمواطن السعودي ومستقبله، وسنقف صفا واحدا في خدمة بلادنا وأمنها، واستقرارها وتطلعاتها المستقبلية.