عروبة المنيف
منذ سنوات استقدمنا «سائقاً» من إحدى الدول الآسيوية للعمل لدينا، وقد ساءني أحد سلوكياته التي تفتقر لأبسط قواعد الذّوق السليم، لقد كان يبصق في الشارع من السيارة أو أينما شعر بذلك، وكان ذلك التصرف بالطبع يؤذيني كثيراً ولطالما حاولت لفت انتباهه حتى يعزف عن تلك العادة القبيحة دون جدوى، إلى أن توصلت إلى اتفاق معه بزيادة راتبه «مائة ريال» إذا أقلع عن هذا السلوك غير الحضاري! فقد قمت بدفع «ضريبة «سلوكه المشين. توقف السائق عن تلك العادة السيئة «على الأقل بحضوري».
تذكرت «قصتي مع ذلك السائق» عندما قرأت خبر فرض مخالفة مرورية تصل إلى 150 ريالاً لمن يبصق أو يرمي أي مخلفات في الشوارع وداخل الأحياء من المركبات.
تفرض الدولة القوانين، كالقوانين المهذبة للسلوك العام لما لها من تأثير على الارتقاء الحضاري، فكلنا ننظر بعين الإعجاب للدول المتقدمة حضارياً، نعجب باحترامهم للنظام وبآليات تطبيقه، برقيهم السلوكي في التعامل، باحترامهم للممتلكات العامة وبالارتفاع في ثقافة الذوق العام، لنبدأ بعد ذلك بجلد ذواتنا، نلوم المجتمع والثقافة تارة، والحكومة تارة أخرى على القصور في تحقيق ذلك الارتقاء السلوكي. لنأخذ مثالاً الاستهتار المجتمعي في احترام المرافق العامة وفي تجاهل أحقية الآخرين للاستمتاع بها، حيث يعتبر الارتقاء السلوكي في استخدام المرافق العامة، أحد معايير التطور الاجتماعي الذي يتحقق برفع مستوى الوعي والإدراك المجتمعي، وبسيادة القانون الذي بموجبه تفرض العقوبات الجزائية، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
نحن نعايش تلك السلوكيات المفتقرة لأبسط أدبيات السلوك الحضاري، نراها حاضرة عند ذهابنا للمنتزهات، للحدائق، للمخيمات وغيرها من مرافق ترفيهية لترى العجب، حيث يصبح المرفق بعد ذهاب مرتاديه «كالمزبلة» من حجم النفايات الملقاة على الأرض والتي أحياناً تكون بجانب الحاوية!!.
تتألم لذلك المرفق المسكين فتسمع أنينه لما حصل له من انتهاك صارخ وسوء في المعاملة، وعدم احترام لمن أنشأ المرفق ولمن يقوم عليه ولمن سيرتاده بعد ذلك!.
سمعنا عن تأسيس «الجمعية السعودية للذوق العام «، ونأمل أن تساهم في رفع الوعي المجتمعي والارتقاء بالذوق العام، ولكن الحزم ضروري أيضاً، ففرض الجزاءات المالية في الوقت الحالي من الحلول والمبادرات الناجحة لتهذيب السلوك وللحفاظ على الممتلكات، ونأمل أن تتبعها خطوة أخرى لفرض رسوم على دخول أي مرفق تستخدم عوائدها لصيانة ذلك المرفق والحفاظ عليه.