عبدالحفيظ الشمري
العمل الإداري والمالي لأي مؤسسة، أو منظومة، أو إدارة خدمية يعد الهيكل أو العمود الفقري الذي تقوم عليه فعاليات البناء والتشييد، وتطوير المنتج، أي أن هذه الأعمال لابد لها أن تخضع لمعايير ومتطلبات المرحلة التطويرية، لكي تكون هذه المنجزات وفق رؤية إستراتيجية متميزة وفعالة، على نحو ما تنتهجه وتسعى إليه آليات العمل الجديدة والواعدة في بلادنا.
من هنا يتطلب الأمر قيام المؤسسات بتطوير كفاءات العمل الإداري والمالي والإسهام في منح القدرات والطاقات العاملة فرصا متساوية لإثبات ذاتها، فحينما يتسم «العمل الإداري» بالضعف أو الهشاشة حتماً فإنه سينهار، بل أن الأصعب منه والأخطر عندما يكون «النظام المالي» في أي مؤسسة غير كفء، فإنه سيتسبب لا محالة في هدر المال، وكثرة المتحايلين على الحسابات، والمتجاوزين للأنظمة والقوانين التي تحكم هذه الأعمال.
فالدراسات المعاصرة حول تطوير العمل الإداري والمالي كثيرة جداً ومتشعبة، ويزداد فيها التنظير، وتقل المتابعة؛ مما قد يتسبب بتسلق بعض الموظفين للمناصب الإدارية والمالية دون مِرَانٍ أو خبرة؛ بل أن هناك من تضعف إرادته ولا يقوى على مقاومة الرغبة في المال، من خلال ما تحدثه ثغرات الأنظمة في بعض الجهات الخدمية.
فاستقطاب الكفاءات للعمل الإداري والمالي مهم جداً، ولكن مع ضرورة تطوير أدائهم، وربطهم بجهات رقابية وتنظيمية أكثر قدرة على لجم التجاوزات، وكذلك الابتعاد عن المجاملة أو التنفيع لبعض العاملين في القطاعات؛ لا سيما حينما يكون الأمر متعلقا بالخدمات والمرافق والإنشاءات التي تتطلب مرونة في التعامل، وكفاءات في العمل وسرعة في الإنجاز.
ونذكر على سبيل المثال أن «معهد الإدارة العامة» وعلى مدى أربع خطط خمسية متتابعة سابقة قام بجهود متميزة من خلال اللجان المعدة لمتابعة العمل الإداري والمالي في القطاع الحكومي على وجه التحديد، ليكتشف أن هناك تجاوزات في أكثر المجالات، وهدر للمال العام، وأخطر منها هو عدم وجود كفاءات تدير العمل، وتتعامل مع الأجهزة المكتبية والفنية والطبية والهندسية حتى باتت هذه اللجان مقتنعة بأن هناك أجهزة لا يمكن أن تقدم جديداً في حقل العمل الخدمي مما قد يتطلب حلها، أو دمجها مع مؤسسات أخرى.
فما كان من هذه اللجان إلا أن رفعت للجهات المختصة في أمر هذه التجاوزات، وتهالك تلك المنظومات في العمل الإداري والمالي؛ فظلت مصرة وتطالب بحل مثل هذه الإدارات، أو ترشيقها، إلا أن المفاجأة غير السارة أن من سُرِّحَ أو نُقِلَ من الخدمة في تلك القطاعات الخاملة هم موظفون عاديون لا حول لهم ولا طول.. فالذين بقوا على رأس أعمالهم هم القياديون والتنفيذيون الذي ظلوا لأعوام يديرون العمل بهذا الشكل الضعيف، أي أن التغيير جاء شكليا فقط، ولم يكن جذريا؛ يحقق معادلة النمو والتميز في العمل الخدمي بشقيه الإداري والمالي.