د. أحمد الفراج
لا أعتقد أن أحداً يمكن أن يجادل في أن الملاكم، محمد علي كلاي، هو أشهر شخصية عالمية، ولذا فإن تأبينه لم يتوقف، منذ إعلان وفاته، ولم يقتصر الأمر على مشاهير الرياضة والفن، مثل نجمي كرة السلة العالميين السابقين، مايكل جوردان، وكريم عبدالجبار، بل تعداه إلى الساسة، فقد رثاه الرئيس باراك اوباما، وكبار الساسة حول العالم، وألقى الرئيس السابق، بيل كلينتون، كلمة في مراسم العزاء، وبالتأكيد لم يفوت الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هذه الفرصة، وحتى لا يكون هذا المقال نسخة مكررة لعدد لا يحصى من المقالات، التي تحدثت عن هذا الرياضي العظيم، وهو فعلاً يستحق، فقد رفض التجنيد العسكري للحرب في فيتنام، وقد ترتب على ذلك حرمانه من ممارسة رياضة الملاكمة، لمدة ثلاث سنوات، وخسارته لملايين الدولارات بسبب مبادئه الراسخة، إلا أن محمد علي، مثله مثل أي إنسان، لا يخلو من هنات، وأخطاء، بعضها جسيم، وقد تركت تلك الأخطاء أثراً سلبياً جسيماً على أبرياء، وهذا الجانب من حياة محمد علي، لا يكاد يتحدث عنه أحد.
اعتنق محمد علي كلاي الدين الإسلامي عن طريق منظمة «دولة الإسلام» الأمريكية، التي يتزعمها الواعظ الأسود، اليجيا محمد، وهو الواعظ النرجسي، الذي يعامله أتباعه كما لو كان نبياً، وهو بالفعل يدعي النبوة، ومنظمة دولة الإسلام هي منظمة «دينية سياسية عنصرية»، لا يسمح بالانضمام لها لغير السود، وكانت قد نشأت كردة فعل عكسية على عنصرية البيض ضد السود، في المجتمع الأمريكي، وقد استغل الواعظ، اليجيا محمد، إخلاص وشهرة محمد علي كلاي لنشر دعوته، وحينها كان داعية الحقوق المدنية الأمريكي المسلم، صاحب الفكر والثقافة العالية، السيد مالكوم اكس، هو أحد قادة هذه المنظمة، وقد اكتشف مالكوم اكس حقيقة الواعظ المحتال، اليجيا محمد، وقرر ترك المنظمة، وقد تركها بالفعل، واعتنق الإسلام السني، بعد زيارته للمملكة ومصر، وكان المفترض أن يتضامن الملاكم محمد علي كلاي مع صديقه مالكم اكس، ويترك المنظمة، ولكن بدلاً من ذلك، فقد خذل محمد علي صديقه المخلص مالكوم اكس لصالح الدجال، اليجيا محمد، ولذا فقد تمكن الأخير من تخطيط وتنفيذ اغتيال مالكوم اكس، ويقال إن المباحث الفيدرالية الأمريكية كان لها يد في هذا الاغتيال، نظرا لقوة تأثير مالكوم اكس على مواطنيه السود، ويؤكد مؤرخو تلك الفترة العصيبة على أنه لولا تخلي محمد علي كلاي عن صديقه مالكوم اكس، لما تجرأ اليجيا محمد على تنفيذ الاغتيال.
محمد علي كلاي، أيضا، لم يكن مخلصاً في علاقاته الزوجية، وكان لعوباً مع الفاتنات من السيدات، وهو ما تسبب في كسر قلوب زوجاته، اللائي أخلصن له، في مراحل ضعفه، ثم قلب لهن ظهر المجن، في وقت لاحق، وبالتالي فلم يقر له قرار مع أي امرأة، عدا زوجته الرابعة، والأخيرة، التي تزوجها بعد أن أنهكه المرض، وكانت بالنسبة له ممرضة، أكثر منها زوجة، ومن المعروف أنه، ذات زمن، عاش مع إحدى عشيقاته لعدة سنوات، مع أنه كان حينها متزوجاً، كما أن له ابنتين، على الأقل، من علاقات غير شرعية، والخلاصة هي أن محمد علي كلاي شخصية استثنائية عظيمة، ألهمت الملايين من الناس، وقد كتبت عن ذلك الكتب، وأنتجت الأفلام. هذا، ولكن هناك جانباً آخر من شخصيته، لا يكاد يعرفه أحد، وهذا في تقديري ما يتوجب أن يطلع عليه الناس، من باب الموضوعية!