«الجزيرة» - وكالات:
يبدو أن بعض الناس تولد ولديها «حمض نووي خارق» يقي من الأمراض الوراثية مثل التليف الكيسي، وذلك حسب ما يقوله باحثون. وتوصلت الدراسة، التي شملت نحو60 ألف شخص، أن 13 منهم كان يجب أن يصابوا بمرض وراثي ولكن ذلك لم يحدث. والأمل هو اكتشاف السبب الذي أبقاهم أصحاء، وما إذا كان ذلك سيؤدي لعلاجات جديدة.
وقال خبراء إن الدراسة، التي نشرت في Nature Biotechnology، كانت «مدهشة» ولكنها مازالت في مراحلها الأولى. فالخطأ في شفرات حياتنا - حمضنا النووي الـ DNA - قد يؤدي للمرض. وحاولت دراسات كثيرة فهم تلك الطفرات بفحص من أصابهم المرض. ولكن فريقا بحثيا دوليا انتهج طريقا معاكسا فهم يبحثون عن الأشخاص الذين يحملون طفرات مدمرة في جيناتهم ولكنهم مازالوا أصحاء. وقال دكتور إريك، شادت من كلية طب آيكان بمستشفى جبل سيناء في نيويورك: «إن ملايين السنين من التطور أنتجت آليات حماية أكثر مما نفهمه حاليا». وأضاف قائلا: «إن أغلب الدراسات الجينية تركز على سبب المرض، ولكننا نرى فرصة هائلة في معرفة ما الذي يبقي الناس أصحاء».
ودرس الباحثون بيانات الحمض النووي DNA التي تحوي معلومات عن 589 ألف و306 أشخاص. ووجدوا بينهم 13 شخصا أصحاء كان لابد أن يطوروا أمراضا وراثية مثل التليف الكيسي ومتلازمة سميث ليملي وخلل الوظائف المستقلة العائلي والبشرة الفقاعية ومتلازمة فايفر ومتلازمة المناعة الذاتية. وقال التقرير إن تلك الأمراض قوية جدا «ومن غير المرجح بدرجة كبيرة ألا تصيب الشخص طالما ظهرت في سجلاته الأسرية بوضوح». وقال البروفيسور ستيفان فريند، من كلية طب آيكان: «إن الوصول لهؤلاء الأفراد نقطة بداية للبحث عن التغيرات الجينية الأخرى، والتي يمكن أن تعطينا مفاتيح لتطوير علاجات». وأضاف قائلا: «يجب أن ندرس الأصحاء وليس المرضى فقط». ومع ذلك، تنتهي هنا هذه القصة المحيرة. فالعلماء غير قادرين على العثور على المحظوظين الـ 13 بسبب قواعد التراضي التي يتم توقيعها عندما أخذت عينات الحمض النووي الخاصة بهم. وهذا يعني أنهم لا يعرفون ما الذي يحميهم ضد المرض. كما أنه يترك الفريق غير قادر أيضا على تحديد ما إذا كان هناك خطأ في الاختبار، أو سوء حفظ السجلات أو الأصباغ - حيث يؤثر الخلل الجيني على بعض الخلايا في الجسم فقط - أم لا وراء نتائجهم. وقالت دكتورة إيدا هاموش من جامعة جونز هوبكنز: «وبسبب عدم القدرة على تأكيد المصدر، وعدم القدرة على التواصل مع الأفراد فإن هذا البحث لا يمكن الاعتداد به».
وفيما وصف دكتور سكوت هيبرينج، من جامعة ويسكونسون، الدراسة بأنها «مدهشة»، فإنه حذر أيضا من أن الأمراض قد تكون مختلفة جدا حتى بين المرضى الذين يعانون نفس الطفرات الجينية. فالبعض قد يعاني أعراضا قليلة.
ويسعى الفريق البحثي إلى إجراء دراسة جديدة من الصفر يمكن من خلالها تتبع المرضى. كما سيتم خلالها تتبع أشكال الحماية - من العدوى والخرف - أيضا. وقال دكتور دانيال ماك آرثر من مستشفى ماساتشوستس العام: «إن العثور على أحماض نووية خارقة يتطلب أنواعا أخرى من البطولة - رغبة المشاركين في التبرع ببياناتهم الجينية والصحية والتزام من الباحثين والمشرعين بالتغلب على عقبات تشارك البيانات على مستوى العالم».
وقال دكتور ماثيو هورلز من معهد Wellcome Trust Sanger إن هذه الدراسة «تظهر الفوائد غير المرئية التي يمكن تحقيقها من مشاركة البيانات الجينية والصحية». ورغم ذلك، قال: «إن الفوائد الكاملة لتقاسم هذه البيانات يمكن فقط إدراكها تماما عندما تصبح العودة للأفراد الأصحاء ممكنة في محاولة فهم كيفية عدم إصابتهم بالمرض». ومضى قائلا: «وهذا يطرح أسئلة بحثية وأخلاقية. فأنا شخصيا، لو كنت ذلك الشخص فسوف أكون سعيدا بمشاركة الآخرين بيانات عن جيناتي لو كان ذلك سيساعد شخصا آخر يعاني».