هاني سالم مسهور
يصر الرئيس الأمريكي باراك أوباما على أن الاتفاق النووي الموقع في يوليو 2015م هو الخيار الأنسب للتعامل مع إيران، وإصرار الرئيس الأمريكي على هذا الخيار لا يبدو أنه وجد عند الإيرانيين ذات المجال الذي يفترضه أوباما الذي كان قد وعد العالم بأن يرى إيران المنسجمة مع محيطها بعد تخفيف العقوبات عنها، ومع فوز (المحافظ) المتشدد آية الله أحمد جنتي برئاسة مجلس خبراء القيادة، مع فوز الأصولي علي لاريجاني برئاسة البرلمان، وهي نتائج تؤكد مدى قوة القبضة الحاكمة على النظام الإيراني سواء على صعيد مجلس الخبراء أو البرلمان.
من المهم جدًا قراءة نتائج الانتخابات الأخيرة التي عرفت تحولات طالت الاصطفاف السياسي التقليدي، التي كان يصفها لاريجاني بـ «تدوير القوى السياسية»، وهو مجرد إيحاء إعلامي لإظهار عودة الإصلاحيين للمشهد السياسي، وهذا أمر لا يمكن حدوثه أصلاً نتيجة (تفسخ) التيار الإصلاحي من 2005م، فالتيار الإصلاحي يعد في التصنيف (الخائن) لمبادئ الثورة الخمينية 1979م، وقياداته توجد في المنافي الخارجية والسجون أو تحت الإقامة الجبرية كأمثال حسين موسوي ومهدي كروبي والرئيس الأسبق محمد خاتمي.
كانت قناة سكاي نيوز عربية بثت فيلمًا وثائقيًا مؤخرًا حمل عنوان (جمهورية المرشد)، قيمة هذه المادة التسجيلية ليس فقط في حجم الشخصيات التي شاركت برأيها بل في نقطة الربط بين مفهوم إيران الثورة وإيران الدولة، وهذا هو المفهوم الذي لم تستطع الولايات الأمريكية أن تجد له قاعدة من الاستفهام الطبيعي للتعامل مع حالة نادرة في التركيبة السياسية قد تتقاطع معها إسرائيل من حيث هذه التقاطعات بين ما يفترض أنها دولة وبين طموحات الثورة في إيران والحلم التوسعي في إسرائيل.
السؤال الذي يطارد الرئيس باراك أوباما والإدارة الأمريكية يبقى كما هو: هل حقق الاتفاق النووي انتقال إيران إلى دولة معتدلة؟، الإجابة دائمًا لن تخرج إلى الجوانب الإيجابية أبدًا، فمنذ توقيع الاتفاق النووي افتعلت إيران أزمات بداية من أحداث موسم حج العام 1436هـ، والاعتداء على سفارة خادم الحرمين الشريفين في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، يضاف إلى ذلك استمرار دعمها للمليشيات الإرهابية في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
لن يحقق الاتفاق النووي النتائج التي ترغبها الإدارة الأمريكية، فما زالت إيران تعيش تفاصيل ثورة الخميني 1979م، وما زالت تسيطر عليها الأفكار الطاردة لغيرها، وغير المستقطبة لأطراف أخرى، هذه المعادلة الصعبة في تركيبة إيران لا تسمح لها أساسًا بالتفكير في الانسجام مع محيطها أو العالم، فهي تجد نفسها في الصراعات والأزمات، فلذلك تدفع بقوة لإغراق العالم العربي بمزيد من الدم عبر الميليشيات الإرهابية، وهذا ما يسقط دائمًا وأبدًا قناعات أوباما بإيران المعتدلة بينما إيران ما تزال جمهورية المرشد.