دربٌ مِنَ الماءِ أسعى فيه لَمْ أنَمِ
وآخرٌ من كرى يَشْقَى به ألَمِي
وخَلْف سَيْريَ آهاتٌ وحافلةٌ
من السُّرورِ.. أمامي موقظٌ قَدَمِي
كلُّ البحارِ مراجيحٌ شواطِئُها
هَتَّافَةٌ لم تَصِخْ إلاَّ لِحِسِّ [عمِي]!
ما للثُّلوجِ انسِلاخٌ رَغْمَ مُشْمِسِها
من يعتبُ السُّحْبَ إنْ زاغتْ عنِ القِمَمِ؟
صار التَّلوُّنُ بسْمَاتٍ مُلوِّثةً
ما زانَ كيَ تَنْسبَ الموجودَ لِلعدَم
إنْ ..للشموخِ انحناءٌ للهبوطِ هوىً
فقد تغشَّى دُنوَّاً فاقدَ القِيَم!
مسالكُ النُّورِ للسَّاعين مُؤْصَدةٌ
بئس الونى كيفَ أثنى عاليَ الهِمَمِ؟
يغدو الذُّبابُ فيجنى ما غدا أملاً
ويُؤسِرُ الذُّلُّ آساداً فلم تَرُمِ!
..أدِلَّةٌ كوضوحِ الشَّمسِ كاشِفةٌ
مَّدَّ البحار ومن يسعى لِسَدِّ فَمِ
من ينكرِ القصدَ فليَقْصُدْ بلا.. وبلا..
ومن يَهَنْ فلقد يُقْلَى فلا يَلُمِ..
راحَ المُؤمِّلُ لكنْ لَمْ يَجدْ أملاً
كم ذاع صوتٌ فلمْ يَظفر ْ بمُعْتَصِم
قالوا: صباحاً فَسِرْ قلتُ: الصَّباحُ لمن؟
تمضي الليالي بلا نارٍ ولا علمِ!
قالوا: سُيولُهمُ تجري فقلتُ لهمْ:
كمْ هالكٍ مُغْرَمٍ بالدَّافقِ العَرِمِ
قالوا: الحقيقةُ لا تخفى فقلتُ بلى:
لكنَّها أصْبحَتْ ضَرْباً مِنَ [الوَهَمِ]
أزْمَعْتُ شيئاً لأنَّ الودَّ يأْمُرُني
فشطَّ بوناً فحَلَّ الزُّهدُ مُقتَحِمي
شتَّان بين وجوهٍ أهْدَرتْ سَفَهاً
ماءً و أُخرى لغير الماءِ لم تَصُمِ
يَبْني النَّدى عند أربابِ النَّدى مُدُناً
مهما يكنْ .. دام؟ أمْ جافى فلمْ يَدُمِ؟
ويُحْرِقُ اللؤمُ- مهما نال- ما غرَسَتْ
يدُ الوفاءِ لينْأى كلُّ مُحْترمِ!
يا نغمةً حلوةً في خافقي ودمي
يا أحْرُفاً كمْ زها من بَوْحِها كَلِمي
لن يحجُبَ الصَّخرُ آفاقي وخارطتي
ورحْلَتِي ومِدادَ الحبِّ من قلمي
سأذْرَعُ العُمْرَ خطْواتٍ مُواكِبةً
صفْوَ الوفاءِ أُسَوِّي كلَّ مُنْقَسمِ
وأصنعُ الحَرْفَ سيفاً صارماً أبدا
يُردي العَدوَّ ويُخزي عابدَ الصَّنَم
نبضي امتدادُ صفاءٍ ما شكا رئةً
ولا شَكَتْ شائباً أو ذَمَّمَتْ نَسَمِي
لن يمنعَ الجَزْرُ مَدِّي فالتَّجذُّرُ لم
يُقْلَعْ بوهنٍ وما الإهمالُ من شِيَمِي
أرعى الودادَ وأثني كلَّ مُنْشَطرٍ
منِّي لأَحْمِلَ حبَّاً غير مُنْفَصِم
وأحضنُ الغيثَ في جوفِ الدُّجى حُلُماً
ليُصْبحَ الحَمْدُ سَعْدي ما صحا حُلُمي
نفسي وأدري بنفسي.. رونقٌ وشذى
سأنشرُ الحبَّ فوَّاحاً بلا نَدَمِ
- منصور مذكور