د.عبدالله الغذامي
كل من دخل حساب تويتر لا بد أنه مر على تعليقات تقول له : لقد خيبت ظني، وما شابه هذا التعبير من لغة تشير إلى صدمة تحدث عند من يتعامل معك مباشرة ثم يكتشف أنك لست ذاك الذي استقر في ذهنه من قبل، ويصدم حين يكتشف هذا التغير فيك، وحدث لي هذا كثيرا على مدى زمني في تويتر منذ سبتمبر 2011، حتى إن باحثا عراقيا هاله أن يكون لي رأي أنقد فيه سياسات إيران فكتب لي تغريدات يقول: ليتك ظللت على رقيك في كتبك ووصفني بالأستاذية والريادة في كتبي مقابل أني صرت عنده شيئا مخيبا للصورة الراقية، ولامني على ذلك لوما قاسيا وتكرر الأمر مع شاب يماني غضب من نقدي للحوثي ، وتمنى علي أن أترك السياسة وأعود للمعرفة الراقية.
في الحالين كنت أرد عليهما بأن من المفيد لكما أن تعرفاني بكل وجوهي، وأن المرء يصدق حين يعيش رأيه ويكشف عن ذاته بيوميات أو لحظويات تعطيك حقيقته وحقيقة تصوراته، وتتحرر الأطراف كلها (أنا وهما) من سلطة التصور الذهني الذي يختزن (بعض) الحقيقة ويخفي أبعاضا أخرى ، مما يحولك إلى صورة مشهوة عنك، ولذا فإن تويتر بمباشرتها وتفاعلها السريع تكشف عما أنت فيه وعليه وعن حقيقتك التلقائية وليس مجرد الحقيقة الأكاديمية المخدومة بالتأني والتثبت حتى لكأنه التصنع من باب إتقان الصنعة أولا ثم تصدير مادة مرتبة أنهكها الحذف والتعديل والتدقيق والمراجعة حتى لتصبح وكأنك مادة تم تصنيعها لغرض التصدير وليس لغرض معاناة الحياة كما أنت، ولهذا فإن تويتر تخدم كل واحد منا حيث تجعلك: أنت أنت كما أنت بكل حقائقك السياسية والعاطفية والإنسانية وتكون مواقفك التي اخترتها هي حقيقتك وليست ما يطلبه المريدون أو لنقل في حالة مثالينا: (بعض المريدين)، وهذه لحظة للفرح بالكشف وليست خيبة أمل توجب الصدمات في تويتر.