«لقد صعد الهامش ليصبح جزءا من المتن»
قبل البدء:
هذه سلسلة مقالات معلومة البدء مجهولة الخاتمة تمثل رواية الكاتب الخاصة لحكاية الحداثة الأدبية في المملكة .تتم روايتها باعتبارها مرحلة تاريخية وفاعلية ثقافية واجتماعية فاصلة في مجتمعنا السعودي، وباعتبار الكاتب واحدا من شهود تلك المرحلة وأحد المتفاعلين معها على نحو ما. تعتمد هذه الكتابة في روايتها لقصة الحداثة على انهيالات الذاكرة وما عايشته ذات الكاتب وشاهدته وسمعته وقرأته، والتي من الطبيعي بما هي كذلك أن تسقط فصولا أو صفحات من تلك الحكاية لا لأية أسباب مقصودة أو متعمدة بل لأسباب تعود لطبيعة الرواية وحدها.
هذه الحكاية (التي سيلاحظ القارئ الكريم أنها ستتفرع إلى عدد لا نهائي من الحكايات ضمن إطار الحكاية الواحدة ) لا يخطر في بالها أن تكون تأريخا لمرحلة بقدر ماهي زاوية ما في النظر إليها ورواية حكايتها ،ووسيلة لإمتاع الكاتب لنفسه وللقارئ بحكايتها .
تنويه لابد منه بخصوص
شكل الكتابة:
ولأن الكتابة عن الحداثة هي تحد لا يمكن خوضه (كما أتصور) بأسلوب وأدوات حداثية أو ما قبل حداثية، ولأن الأغلبية الغالبة من قراء اليوم لا تقرأ الصحف من خلال النسخة الورقية ولكن من خلال جهاز الحاسوب، وباعتبار الحاسوب « ليس وسيطا فقط ، وإنما هو فضاء تتعدد عوالمه وفضاءاته ومكوناته وهو يتشكل من مواد لإنتاج الكتابة والصوت والصورة وتلقيهما. وكل هذه المواد قابلة لأن تترابط فيما بينها في ” نص ” واحد .هو ما أصبح يسمى بالنص المترابط ، وهو طريقة مخالفة في بناء النص حيث ما يبرز على الشاشة ليس النص بكامله»* وإنما جزء منه ومن خلال الضغط على روابط يتضمنها هذا الجزء نجد أنفسنا في فضاءات وعوالم أخرى تجعلنا نحلق بعيدا عن متن النص وحين نعود منها إليه نعود بروح وحالة أخرى . ولأن النص ليس بناء معماريا صارما وهو ملتبس ويخفي بقدر ما يظهر..
و يتضمن توقفات وتعرجات وصعود و هبوط ( قصيدة من هنا وأغنية من هناك أو صورة أو صوت أو لوحة) وهو ما يسمح للقارئ أن يشتبك مع الكاتب من خلال خلق الكاتب فراغات تسمح له بذلك. لابد للقارئ منذ البداية أن يدرك أن ذلك ليس ضعفا أو فراغا في النص وإنما هو أمر مقصود ومتعمد تم اختياره من قبل الكاتب بوعي ويريد للقارئ أن يشترك معه فيه . يدرك الكاتب مسبقا وجود موقفين من ذلك، لذلك فهو يدعو أصحاب الرأي المعارض إلى متابعة الحكاية من خلال متنها الرئيس .
تنويه أخير :
أود أن أشكر الصديق، القارئ المختلف والمفكر الشفيف الأستاذ أحمد السويد ،الذي كان لدعمه وتشجيعه وآرائه أكبر الأثر في ظهور هذه المقالات.
**(الخطيئة والتكفير.. من البنيوية إلى التشريحية، نظرية وتطبيق) عبدالله الغذامي 1985م
خصوم محتملون :
كان على رأس الكتب التي أثارت جدلا ثقافيا ونقديا واسعا في تلك الفترة . وكان مرحلة فاصلة في تاريخ الحركة الأدبية والثقافية في المملكة. وسواء أأحبنا الغذامي أو لم نحبه وافقناه أو اختلفنا معه فإن ظهور كتابه كان أشبه ببزوغ عصر جديد في الأفق الثقافي لدينا.
كان معظم الجدل الذي أثاره الكتاب عائدا إلى الصدمة التي أحدثها وهي صدمة دعت المتلقين للعودة إلى أنفسهم والتشكك فيما حملوه من معارف سابقة ومساءلتها. كانت صدمة أحد مظاهرها عدم الفهم من قبل المتلقين والذين كان منهم رواد للحركة الثقافية والأدبية لدينا وكان من أبرز هؤلاء المرحوم النبيل محمد حسين زيدان (1914 - 1992) الذي أتذكر برنامجه التلفزيوني عن (سير الصحابة) والذي كان يقدم حلقاته مرتجلا بصوته المميز وإطلالته المحببة. كما كان منهم المرحوم الأديب المترجم والإذاعي عزيز ضياء ((1914-1997م) والد الفنان التشكيلي ضياء عزيز والإذاعية المميزة دلال عزيز ضياء، والذي كان صور رحلة حياته المأساوية والقاسية في كتابه الشهير :
(حياتي مع الجوع والحب والحرب) سيرة ذاتية 1995م.
عزيز ضياء الذي لا تفارق ذهني صورته بغليونه الذي لا يفتأ يشعله كلما خبت ناره وهو يكرر جملته المأثورة : إن كتاب الغذامي لن يفهم إلا بعد خمسين سنة !! (مضى منها حتى الآن ثلاثون سنة !!)
** ** **
- أنظر مقالة سعيد يقين «النص المترابط والنص الإلكتروني في فضاء الإنترنت . (http://www.saidyaktine.net/?p=55)
- محمد الدخيل